بدأ حياته بطلب العلم والدراسة بالمدرسة التحضيرية ثم العزيزية الابتدائية، وكان من رفاقه في هذه المرحلة: الشيخ عبدالعزيز رفاعي، وفي نفس الوقت كان يدرس القرآن في الحرم المكي، ثم التحق بالمعهد العلمي السعودي عام 1359هـ إلا أنه لم يستطع أن يكمل وذلك لأن والده قد تعرض لخسارة تجارته فاضطر إلى ترك الدراسة والاتجاه إلى العمل، ورغم ذلك كان محبا للقراءة شغوفا بها، وساعده على ذلك مكتبة أخيه صالح، وكان رحمه الله طلق الوجه معتنيا بالكتاب والسنة دافعا وذابا عن الإسلام، وكان اهتمامه الأكبر بالفكر الإسلامي وتنقيته والدفاع عنه وتقديمه خالصا من كل شائبة، واستمر على هذا النهج الفكري المتميز طيلة عمره ويظهر ذلك جليا في مؤلفاته، وكان يعيش همَّ استنهاض هذه الأمة من سباتها ويشغل باله كيفية بعث الحضارة الإسلامية من جديد عبر طرق صحيحة شرعية، ومع ذلك كله كان شاعرا موهوبا بليغ العبارة، سلس الأسلوب، عذب الألفاظ، واسع الثقافة في الأدب والشعر وغيره من العلوم، وكان كما يروي صديقه علي زين العابدين في كتاب: أحمد محمد جمال، الداعية.. المفسر.. الأديب: (كان طلق المحيا مستقيم الخلق والسلوك).
ورغم الإشادة من الجميع بسلاسة عباراته، وعذوبة قصائده، إلا أنه انصرف عن نظم الشعر إلى الاهتمام بقضايا المسلمين، واكتفى بإصدار ديوانه الأول (الطلائع) في عام 1362هـ، وكان يستخدم أدبه وشعره لنصرة قضايا المسلمين واستنهاضهم، وتناول الحياة الفكرية والسياسية للأمة الإسلامية، فالأدب عند أحمد عملٌّ فكريٌّ من الدرجة الأولى ويجب أن يوظف لهذا الأمر، وقد صرح بذلك بنفسه حيث يقول عن الأدب أنه هو: (التناول الفكري والعمل الكتابي لمجموعة من الفنون والأفكار والموضوعات المختلفة) وقال في مقالة نشرها في عكاظ بتاريخ 18/2/1387هـ بعنوان (عندما يكون العالم أديبا): (مازال هناك بيينا من يظن الأديب هو الذي يكتب القصة العاطفية أو ينظم القصيدة الغزلية) ويرمي بذلك إلى أن الأدب ليس هو الغزل والعاطفة وإنما يجب أن توظف كما فعل هو في خدمة الإسلام والمسلمين.
بعد تركه للدراسة ساعده أخوه صالح كثيرا ودرس على يديه، وكان هو من تولى توجيهه وتأديبه وقد حفّظه بعض الآيات، كما كان يعطيه دروسا منزلية، وعاونه في حفظ القرآن، وقد كان أخوه صالح أيضا يصطحبه إلى الملتقيات الأدبية مع كبار الشعراء، مثل: أحمد السباعي، ومحمد حسن فقي وغيرهم، فكان أخوه أول مشايخه، وممن تتلمذ عليهم أيضا في سنوات دراسته النظامية: الشيخ عبدالله دمنهوري، وعمر علاء الدين، وأحمد سباعي، ومحمود مرزا، وعبدالله خياط وغيرهم، أما الدروس القرآنية التي كان يأخذها في الحرم المكي فكانت على يد الشيخ علوي المالكي، كان مهتما كما أسلفنا القول بالفكر والسياسة وكان مشغولا بسبل استنهاض الأمة فكانت أبرز أعماله ومؤلفاته تنصب في هذا الجانب وسنرى هذا بشكل جلي حين نتحدث عن مؤلفاته، يقول أ.عبدالله العقيل عن المترجم له : (وجرى بيني وبين الرجلين أحاديث- يقصد المترجم له وآخر-، أدركت من خلالها ارتباطهما بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة، وعرفت مقدار غيرتهما على الإسلام ودعاته، والحرص على وحدة الأمة الإسلامية وعالمية الإسلام، وتحقيق معنى الأخوة الإسلامية بين الشعوب، والتواصل المستمر لتوثيق العرى بين العاملين والدعاة إلى الله في كل مكان، كما وجدتُ فيهما الصدق والوفاء والحب والتقدير للإمام الشهيد حسن البنا الذي تأثرا به غاية التأثر وأحباه في الله ولله، ووقفا إلى جانب إخوانه).
عمل في بداية حياته ككاتب في رئاسة القضاء عام 1359هـ ثم انتقل إلى كتابة عدل ثم إلى المحكمة الكبرى عام 1360هـ، عمل سكرتيرا لتحرير جريدة البلاد السعودية وكان يعمل محررا ومصففا للأخبار حتى عام 1371هـ، ثم عين مديرا مساعدا لإدارة الثقافة والتعليم بوزارة الداخلية، ثم مديرا للجوازات بنفس الوزارة، كما أنه عمل بالإذاعة السعودية كمذيع منذ إنشائها عام 1369 هـ، وشارك بتقديم نشرات الأخبار وبرامج ثقافية متنوعة، وأحاديث من إعداده بناء على طلب مدرائها حينذاك، وفي عام 1375هـ صدر مرسوم ملكي بتعيينه عضوا لمجلس الشورى حتى أحيل إلى التقاعد عام 1408هـ مع استمرار عضويته حتى وفاته رحمه الله،كما اختاره الملك فيصل رحمه الله عضوا في لجنة وضع النظام الأساسي للحكم سنة 1382هـ، وفي عام 1387هـ اختير مدرساً للثقافة الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بفرعيها بمكة المكرمة وجدة، وعندما انفصلت وأنشئت جامعة أم القرى بمكة المكرمة اكتفى بالتدريس فيها لمادة الثقافة الإسلامية وتفسير القرآن الكريم حتى وفاته، ولسعة اطلاعه وثقافته الواسعة شغل عدة مناصب وأعمال منها أنه كان عضوا بمجلس الأوقاف بمكة المكرمة، وعضوا بالمجلس البلدي بمكة المكرمة، وعضوا خبيرا بمجمع الفقه الإسلامي، وعضوا في الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وعضوا ثم رئيسا لجمعية صندوق البر بمكة المكرمة، كما أشرف على سلسة (دعوة الحق) التي تصدرها رابطة العالم الإسلامي، مَثَّل رابطة العالم الإسلامي منذ تأسيسها في العديد من المؤتمرات والندوات في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا، كما أشرف على مجلة التضامن الإسلامي لوزارة الحج والأوقاف، وله نشاطات فكرية صحافية معروفة، ورغم انشغاله بكل هذه الأعمال الجليلة إلا أنه كان لين الجانب محبا للناس يتفقد أحوالهم وأحوال أهل بيته، يقول ابنه: (تخير لنا من الأسماء أحسنها، وكذلك أحفاده وأسباطه، يؤدبهم ويفرح بهم ويداعبهم ويشتري لهم الهدايا، ولا ينسى تحصينهم بكلام الله ويحثنا على ذلك دوما وينبهنا إلى تقوى الله ومخافته وكان يحب صلة الرحم ويداوم عليها).
توفي رحمه الله في 9 ذي الحجة عام 1413هـ بالإسكندرية، ودفن بمكة المكرمة.
وقد رثاه مجموعة من الفضلاء منهم الشاعر: محمد ضياء الدين الصابوني في قصيدة منها:
نبأ سرى فأثار كامن مهجتي وغزا فؤادا لم يكن متحملا
إن النوائب في الحياة كثيرة وأجلها فقد الحبيب معجلا
يا أحمدًا، الفضلُ فيك سجية قد كنت في دين المعارف منهلا
مامات من ترك المآثر بعده ما مات من كان الأديب الأمثلا.
وقد ترك الشيخ رحمه الله أعمالا جمّة من التآليف والمقالات التي كان يكتبها في الزوايا الصحفية وفي الجرائد التي عمل فيها، وكتاباته يطغى عليها الجانب الإسلامي الفكري والسياسي، واستنهاض الأمة والذبّ عن الإسلام والمسلمين، ومن آثاره التي تركها :
1/ أدب وأدباء
2/ الصحافة في نصف عمود، مكة المكرمة، دار الثقافة للطباعة.
3/ استعمار وكفاح، مكة المكرمة: مكتبة الثقافة، 1374 هـ.
4/ نحو سياسة عربية صريحة، مكة المكرمة، دار الثقافة.
5/ الإسلام أولاً، مكة المكرمة: دار الثقافة، 138هـ.
6/ الاقتصاد الإسلامي: دراسات وتعقيبات. الطبعة الثانية، مزيدة ومنقحة، مكة المكرمة: الغرفة التجارية الصناعية، 1405 هـ.
7/ الأمة الواحدة، الرياض: جمعية الثقافة والفنون، 1401 هـ.
8/ أوصيكم بالشباب خيراً، مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، 1410 هـ.
9/ تاريخنا الإسلامي لم يُقرأ بعد، مكة المكرمة: مطابع دار الثقافة، 1386 هـ.
10/ تعليم البنات بين ظواهر الحاضر ومخاطر المستقبل، الطائف: النادي الأدبي، 1409 هـ.
11/ الجهاد في الإسلام: مراتبه ومطالبه، مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، 1401 هـ.
12/ خطوات على طريق الدعوة، مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، 1408 هـ.
13/ دين ودولة، القاهرة: دار الكتاب العربي، المقدمة 1372 هـ.
14/ رفقاً بالقوارير، مكة المكرمة: نادي الوحدة، 1385 هـ.
15/ في مدرسة النبوة، مكة المكرمة: النادي الأدبي، 1414 هـ.
16/ القرآن الكريم: كتاب أُحكمت آياته، مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، 1402هـ.
17/ القصص الرمزي في القرآن الكريم، الطبعة الثانية، مزيدة وموسعة، جدة: جامعة الملك عبد العزيز، 1399 هـ.
18/ قضايا معاصرة في محكمة الفكر الإسلامي، الطبعة الثانية، القاهرة: دار الصحوة، 1407 هـ.
19/ كرائم النساء: أمثلة روائع من أمجاد الأمومة البرَّة، الرياض: توزيع مكتبة الرياض الحديثة؛ جدة: توزيع دار الشروق.
20/ عقود التأمين بين الاعتراض والتأييد، مكة المكرمة، دار مكة للطباعة والنشر.
21/ ليشهدوا منافع لهم: ومضة من نور الهداية المنبثق من مشكاة الكعبة (بالاشتراك مع آخرين)، مكة المكرمة: وزارة الحج والأوقاف، 1394 هـ.
22/ ما وراء الآيات، مكة المكرمة: مكتبة الثقافة، 1371 هـ.
23/ مأدبة الله في الأرض، بيروت، دار إحياء العلوم.
24/ ماذا في الحجاز؟، القاهرة: مطبعة دار إحياء الكتب العربية، 1364 هـ.
25/ مأساة السياسة العربية، القاهرة: مطابع الأهرام التجارية، 1402 هـ.
26/ مبادئ ومثل، مكة المكرمة: مكتبة الثقافة، 1381 هـ.
27/ مجتمعنا العربي كما ينبغي أن يكون، مكة المكرمة: دار الثقافة، 1384هـ.
28/ محاضرات في الثقافة الإسلامية، مكة المكرمة: مكتبة الثقافة، 1391 هـ.
29/ المسلمون: حديث ذو شجون، مكة المكرمة، رابطة العالم الإسلامي، إدارة الصحافة والنشر.
30/ مسؤولية العلماء في الإسلام، مكة المكرمة: مكتبة دار الثقافة، 1386 هـ.
31/ مع المفسرين والكتَّاب: دراسة ونقد لآراء ومذاهب، القاهرة: مطابع دار الكتاب العربي، 1373 هـ.
32/ - مفتريات على الإسلام، بيروت: دار الفكر، 1392 هـ.
33/ - مكانك تحمدي، بيروت: المكتب التجاري للطباعة والنشر، 1384 هـ.
34/ - من أجل الشباب، الرياض: توزيع مكتبة الرياض الحديثة، 1395 هـ.
35/ من كشمير إلى فلسطين وخطر الصهيونية الصليبية على الإسلام، مكة المكرمة: مديرية التعليم، 1385 هـ.
36/ مهمة الحاكم المسلم، مكة المكرمة: مطابع دار الثقافة.
37/ نحو تربية إسلامية، جدة: تهامة للنشر، 1400 هـ.
38/ الشباب لقاءات ودراسات، جدة، دار الرفاعي.
39/ نساء وقضايا، الرياض: دار الرفاعي، 1404 هـ.
40/ نساؤنا ونساؤهم، الطائف: دار ثقيف، 1390 هـ.
41/ وداعاً أيها الشعر، الطبعة الثانية، مكة المكرمة: نادي مكة الثقافي، 1397 هـ (سبق صدوره بعنوان: الطلائع).
42/ يسألونك، بيروت: دار الكتاب العربي، 1403 هـ.
مصادر ترجمته:
1/ أحمد محمد جمال حياته وأدبه لأمل أحمد منشي، جامعة أم القرى، 419هـ.
2/ أحمد محمد جمال الداعية المفسر الأديب لمجموعة من الكتاب ضمن سلسلة (دعوة الحق) من رابطة العالم الإسلامي العدد 144 عام 1414هـ
3/ أحمد محمد جال رجل قضيته الإسلام، إعداد أبنائه، دار الثقافة للطباعة، 1415هـ.
4/ تتمة الأعلام للزركلي، لمحمد خير رمضان، (1/55-58) دار ابن حزم، الطبعة الثانية 1422ه.
5/ تكملة معجم المؤلفين محمد خير رمضان، (63-67) دار ابن حزم، الطبعة الأولى 1418هـ.
6/ ذكريات أديب: أحمد محمد جمال، مجلة المنهل المجلد 47.
7/ من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة للمستشار عبدالله العقيل، (114-121) دار البشير، الطبعة الثامنة 1429هـ
8/ المبتدأ والخبر لعلماء في القرن الرابع عشر وبعض تلاميذهم، لإبراهيم بن محمد بن ناصر السيف،(1/150-156)، دار العاصمة، الطبعة الأولى 1426ه.
9/ نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر وبذيله عقد الجوهر في علماء الربع الأول من القرن الخامس عشر ليوسف المرعشلي، (1734-1737) دار المعرفة، الطبعة الأولى 1427هـ .
• إبراهيم محمد