ولد رحمه الله في كوتلة الشيخ بمقاطعة بهاولفور عام 1302ه، وقد تربى في حجر والده والذي كان فاضلا وذا علم، فرباه على الأخلاق الفاضلة، وعلى حب العلم وأهله، وعلى الأخذ عن العلماء والتواضع لهم والاستفادة منهم، وقد بدأ الشيخ يدرس على والده القرآن والفارسية وبعض مبادئ العلوم كالنحو والصرف.
خرج رحمه الله يطلب العلم من مشايخ قريته والقرى المجاورة لها، وقد أخذ عن مشايخ كثيرين، ودرس عليهم، واستفاد منهم، وهم يزيدون على الستين شيخا، وكان رحمه الله يتتبع المشايخ الذين هم على مذهب السلف، ويقدمون الكتاب والسنة على غيرها، ويرون اتباع الدليل لا العقول ولا الأهواء، فمن هؤلاء المشايخ: الشيخ أبو القاسم عيسى بن أحمد الراعي، قرأ عليه المشكاة، والصحاح، وأجزاء من تفسير الطبري، وكتاب الأسماء والصفات للبيهقي، ومنهم الشيخ أبو الفضل محمد بن عبد الله الرّياسي، ومنهم الشيخ أبو عبد الرب محمد بن أبي محمد الغيطي، قرأ عليه الموطأ للإمام مالك، وكثيرًا من كتب الأدب، كالمقامات الحريرية والدواوين، وكتب الفقه والحديث، ومنهم الشيخ أبو الفضل إمام الدين بن محمد بن ماجَهْ القنبري، قرأ عليه الصحيحين، وسنن أبي داود، ومسند الإمام أحمد، وبعض تفسير ابن جرير، والمطوّل للتفتازاني وغيرها، ومنهم الشيخ أبو اليسار محمد بن عبد الله الغيطي، قرأ عليه بعض صحيح البخاري، ومنهم: الشيخ أحمد بن عبد الله بن سالم البغدادي المدني، قرأ عليه صحيح البخاري، ومسند الإمام أحمد، ومنهم الشيخ أبو محمد هبة الله بن محمود، قرأ عليه بعض صحيح البخاري، وصحيح مسلم، والسنن الأربعة، وغيرهم كثير ذكرهم الشيخ في ثبته، وقد أجازه هؤلاء كلهم إجازات خاصة.
عرف الشيخ بسعة الاطلاع، وقد قرأ زمن الطلب كتبا كثيرة مما كون شخصية علمية واسعة الاطلاع، وغالب هذه الكتب قرأها على مشايخ فضلاء وعلق عليها، فتحصل له علم غزير.
بعد أن تحصل الشيخ هذا العلم الغزير أجيز بالتدريس، فعقد حلقة في مدينة أحمد بور الشرقية، ولما كان عليه الشيخ من سعة اطلاع وكثرة معرفة بالكتب والمسائل كثر الطلاب حوله، وذاع صيته فجاءه الطلاب من كل مناطق الهند، فأنشأ لهم معهدا علميا كان يدرس فيه قرابة الأربع عشرة ساعة، وقد أسس دار الحديث فالتحق به طلاب كثيرون، وكان يقيم السنة ويقمع البدعة، ويحارب أهلها بالحجة والبيان، وكان خطيبا مفوها باللغة الهندية، وواعظا حكيما يأخذ الناس باللين والرفق، وكان يحضر لبعض خطبه آلاف الناس، وكان رحمه الله أول من أظهر في تلك المناطق مذهب السلف في الصفات، وما يتعلق بالأضرحة والقبور، فلم يتقبله الناس لعادة نشؤوا عليها، حتى ناظر كبارهم، وانتصر عليهم بالدليل، فرجع كثير منهم إلى الحق ومذهب السلف، وله مناظرات كثيرة مشهورة، وتاب على يديه أناس كثيرون، وأسلم مثلهم، وقد علا شأن الدار التي أسسها، وسطع نورها في جميع أرجاء الهند، وقد خرج منها علماء كبار كان لهم أعظم الأثر فيما بعد، وقد عينه السلطان قاضيا وخطيبا بالجامع العباسي، وكان يدعى إلى المؤتمراات الدينية التي تقام في الهند ويدعى إلى المناظرات، وكثيرا ما يترأس هذه الجلسات والمناظرات وينتصر فيها على الباطل وأهله، فأقام السنة في تلك البلاد ونصرها، وناظر الشيعة والقاديانية وغيرهم، حتى عاد كثير من الناس إلى السنة ولله الحمد.
وكانت عقيدة الشيخ سليمة على مذهب السلف، وقد كتب عقيدة قال عنها الشيخ ابن باز: فقد اطلعتُ على العقيدة التي أملاها الشيخ العلّامة ناصر السّنّة وقامع البدعة أبو محمد عبد الحق الهاشمي، فألفيتُها عقيدة جليلة، موافقة لما درج عليه أهل السنة والجماعة في أبواب التوحيد والإيمان وصفات الله وأسمائه، وفي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، وفي غير ذلك من الأبواب، فجزاه الله خيرًا، ورفع درجاته في المهديين، وضاعف مثوبته على ما كتبه من نَصْر السّنّة).
كان رحمه الله يتردد على الحجاز منذ عهد الأشراف، ولما تولى الملك عبدالعزيز حكم مكة المكرمة قدم الشيخ إلى مكة في وفد من علماء الهند فبايعوا الملك عبدالعزيز رحمه الله ثم عاد إلى الهند، وكان حين قدم مكة للحج جرت مناقشات علمية بينه وبين بعض المشايخ، فما أن سمع به كبار علماء المملكة، وعلموا أنه شَرَح المسند، وجلسوا معه، وعرفوا فضله وعلمه، إلا وطلبوا منه الاستقرار والتدريس في مكة، ورغبوا في ذلك، وسَعَوا بذلك إلى الملك عبد العزيز، واستصدر منه رئيس القضاة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ أمرًا ملكيًّا بتعيين الشيخ عبد الحق مدرّسًا في المسجد الحرام سنة 1368ه، فانتقل إلى مكة المكرمة وظل يدرس في المسجد الحرام حتى توفاه الله.
كان درس الشيخ رحمه الله عند باب إبراهيم بعد المغرب، وكان يدرس الكتب الستّة، ومسند الإمام أحمد، وتفسير القرآن، وشرح البخاري، وقرئت عليه كتب كثيرة كالأم للشافعي، والبداية والنهاية،وكانت دروسه في الحرم المكي، ومدرسة المهاجرين السلفية، ودار الحديث بمكة، كما كان رحمه الله يدرس في بيته، ويحضر له طلاب كثيرون؛ لما تميز به الشيخ من سعة علم واطلاع، كما كان رحمه الله-كما أسلفنا- من مُحِبِّي السنّة، مُتّبعًا لها، داعيًا إليها، نابذا للبدعة، وحاربا لها ولأهلها، وقد تخرّج على يده علماء مشهورون في بلدان شتى، وكان الطلاب يأتون إليه من كل البلاد، وكان أسلوبه علميًّا في الدرس، ويتكلم كلاما واضحا سهلا يفهمه الجميع، كما كان يتطرق إلى الردود على المبتدعة والمخالفين، ويبسط القول في كل مسألة يتناولها، وذلك من آثار سعة علمه رحمه الله، ومن أبرز تلاميذه: سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وسماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخ محمد بن عبد الله الصومالي، والشيخ عبد الصمد شرف الدين الهندي، والشيخ عبد الرحمن مظهر، والشيخ محمد بن عبد الله آد الشنقيطي المدني، والشيخ عبد الله اللكنوي، والشيخ سليمان الصَّنيع، والشيخ حماد الأنصاري، والشيخ إسماعيل الأنصاري، والشيخ عمر بن محمد فَلّاته، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل، والشيخ يحيى بن عثمان المُدَرِّس العَظيم آبادي، والشيخ محمد بن عبد الله بن سبيل، وغيرهم كثير.
بعد هذه الحياة الحافلة بالعلم والتدريس والمناظرات توفي الشيخ رحمه الله في شوال عام 1393ه .
للشيخ رحمه عدد من المؤلفات النافعة، وله خدمات جليلة على كتب الحديث كالصحيحين والموطأ، ومن كتبه :
1/ البدور العارجة بين الفصحى والدارجة.
2/ تراجم رجال الصحيحين.
3/ تراجم رجال المسند.
4/ التعليق المعتلي في شرح المسند الحنبلي.
5/ شرح مقدمة الإمام مسلم.
6/ عادات الإمام البخاري في صحيحه، طبع بتحقيق محمد بن ناصر العجمي مكتب الشؤون الفنية الطبعة الأولى 1428ه .
7/ كشف القناع في الدعاء بعد الصلاة بحالة الاجتماع.
8/ كشف المغطى عن رجال الصحيحين والموطَّا.
9/ اللباب في شرح التراجم والأبواب. دمشق، دار النوادر الطبعة الأولى 1432ه.
10/ مشارق الأنوار في شرح مافي الموطأ والصحيحين من الأخبار. توجد نسخة مخطوطة منه في المكتبة الزاهدية بباكستان.
11/ نصر الباري في شرح تراجم البخاري.
12/ عقيدة الفرقة الناجية. أو هذه عقيدتي وترجمتي. وقد أثبت فيها ترجمته بنفسه، طبعت بعناية الشيخ صالح الزهراني نائب رئيس هيئة الأمر بالمعروف بجدة، الطبعة الأولى.
مصادر المترجم له:
1/ أعلام المكيين لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1421هـ. (2/993-994)
2/ أئمة الحرمين لعبدالله بن أحمد آل علاف الغامدي، دار الطرفين للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1436ه (334-348)
3/ تذكير النابهين بسير أسلافهم حفاظ الحديث السابقين واللاحقين لربيع بن هادي المدخلي. (283-288)
4/ جهود بعض علماء البلد الحرام في تقرير العقيدة السلفية في القرن الرابع عشر لعبد المحسن بن ردة الحربي. (441-447)
5/ عبد الحق الهاشمي وجهوده في خدمة السنة النبوية لعبد الله بن مولوي عبد الغفور شيراني.
6/ عقيدة الفرقة الناجية للمترجم له. وقد أثبت فيها ترجمته بنفسه، طبعت بعناية الشيخ صالح الزهراني نائب رئيس هيئة الأمر بالمعروف بجدة، الطبعة الأولى.
7/ المبتدأ والخبر لعلماء في القرن الرابع عشر وبعض تلاميذهم، لإبراهيم بن محمد بن ناصر السيف، دار العاصمة، الطبعة الأولى 1426ه. (2/157-165)
8/ معجم المعاجم والمشيخات، والفهارس والبرامج والأثبات. ليوسف المرعشلي، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى 1423ه (2/557-558)
9/ مقدمة كتابه عادات الإمام البخاري في صحيحه للمترجم له بتحقيق محمد بن ناصر العجمي مكتب الشؤون الفنية الطبعة الأولى 1428ه (20-40)
10/ الألوكة ترجم له محمد زياد التكلة
http://www.alukah.net/culture/0/3230/
11/ جريدة الرياض الجمعة 11 صفر 1438 هـ http://www.alriyadh.com/1546964
ترجمة خاصة لموقع علماء مكة الخيري أعدها إبراهيم محمد صديق