ولد رحمه الله في مدينة حائل بشمال المملكة العربية السعودية عام 1360ه، وأسرته أسرة عريقة معروفة من قبيلة شمر المعروفة في المملكة العربية السعودية، كما أن أسرته مشهورة بالعلم والصلاح، فأبوه العلامة الشيخ عبدالله ابن دهيش، أحد الأعلام العلماء المشهود لهم بالعلم والفضل، وكان رئيسا للمحكمة الكبرى في مكة المكرمة، فنشأ رحمه الله في هذه الأسرة الفاضلة فتطبع بطباعها، وتخلق بأخلاقها الحميدة، وقد رباه والده على حب الخير وأهل الخير، وعلى حب العلم والتواضع للعلماء والاستفادة منهم، وقد لازم والده يستفيد منه منذ صغره، فتلقى عنه العلم الشرعي وتربى عليه.
درس رحمه الله في المدارس النظامية، فدخل الابتدائية في الأحساء ثم الخبر ثم انتقل إلى مكة المكرمة فدرس في مدرسة الرحمانية فيها، وقد تخرج من هذه المدرسة عام 1372ه، ثم التحق بالمعهد العلمي السعودي فدرس المتوسطة والثانوية وتخرج منها عام 1377ه، ثم أكمل الشيخ دراساته العليا فالتحق بكلية الشريعة الدراسات الإسلامية بمكة المكرمة وحصل على البكالوريوس منها عام 1382ه، وقد نال الشيخ درجة الماجستير عام 1409ه، وكانت رسالته تحقيق كتاب أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه للإمام محمد بن إسحاق الفاكهي، ثم نال درجة الدكتوراه عام 1421ه، وكانت رسالته فيها بعنوان: الحرم المكي الشريف والأعلام المحيطة به دراسة ميدانية وتاريخية وفقهية، وقد تدرج رحمه الله في الدرجات العلمية حتى وصل إلى الأستاذية، وكان من أبرز البحوث التي قدمها في مسيرته هذه بحث بعنوان: بعنوان مصطلحات الفقه الحنبلي.
درس على مقاعد الدراسة وخارج الجامعة على مجموعة من العلماء الفضلاء، منهم: والده الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش، والشيخ عبد الله خياط، والشيخ يحيى أمان مساعد رئيس المحكمة الكبرى بمكة، والشيخ حسن مشاط المدرس بالمسجد الحرام، والشيخ علي الهندي المدرس بكلية الشريعة بمكة المكرمة والمدرس بالمسجد الحرام، وقد حصل ابن دهيش على إجازات علمية عديدة منها إجازة من والده في رواية الحديث عنه وعن مشايخه صديق خان وشريف حسين ومحمد بشير، كما أجازه الشيخان أبوالحسن علي الحسني الندوي في السيرة النبوية، وكذلك أجازه السيد صبحي البدري السامرائي في كتب الحديث الصحيحين، والسنن الأربعة، ومسند الإمام أحمد، وسنن الإمام البيهقي، وسنن الدراقطني، وسنن أبو داود الطيالسي، وأجازه كذلك عبد الله بن الصديق المغربي في رواية الحديث وعلومه، وعنده إجازة أخرى في الحديث وعلومه كذلك من الشيخ محمد بن ياسين الفاداني.
حصل الشيخ على شهادة تقدير من الملك خالد بن عبد العزيزلإسهامه في نشر العلم وذلك عام 1401ه، كما حصل على شهادة تقديرية من سوق الفسطاط للشعر والنقد بمصر و ذلك لأعماله في الفكر الإسلامي ودراساته عن البلد الحرام، وقد حصل كذلك على الزمالة الفخرية عام 1995م لرابطة الأدب الحديث.
شغل رحمه الله عددا من المناصب، وقد بدأ حياته العملية بالتدريس في مدرسة متوسطة بمكة المكرمة، ثم عمل في سلك القضاء حيث كان ملازما قضائيا المحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة، ثم قاضياً بالمحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة، ثم مساعداً لرئيس المحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة، ثم رئيساً للمحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة، وقد صدر أمر ملكي بتعيينه نائباً للرئيس العام لشؤون الحرم النبوي الشريف، وفي عام 1416ه عيّن رئيسا لتعليم البنات بالمملكة العربية السعودية، وقد تطور تعليم البنات في عهده تطورا كبيرا، وساهم في دفع عجلة التنمية في مدارس البنات حتى تكون مهيئة لتخريج فتيات متعلمات واعيات عالمات بالشرع والدنيا.
والشيخ رحمه الله مثّل المملكة في عدد من اللقاءات ففي عام 1396ه مثّل المملكة العربية السعودية في المؤتمر العالمي للأحداث، والذي انعقد في مدينة لندن، كما شارك في المحادثات التي جرت بين أعضاء مجلس القضاء الأفغاني ووزير العدل السعودي بمدينة الطائف في ذات السنة، ومثّل المملكة العربية السعودية كذلك في المؤتمر الدولي المنعقد في الأزهر الشريف بالقاهرة ، وتقلد وسام العلوم من قبل رئيس جمهورية مصر العربية.
ترأس الشيخ عددا من المؤسسات منها أنه كان رئيساً أعلى لكليات البنات بالمملكة العربية السعودية، ورئيساً أعلى للمجلس العلمي لكليات البنات بالمملكة العربية السعودية، رئيساً للجلسة الثامنة لندوة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والتي كانت بعنوان: مكانة الوقف وأثره في الدعوة والتنمية.
والشيخ رغم انشغاله بالأعمال الوظيفية كانت للشيخ عضويات في مؤسسات كثيرة، فقد كان عضواً في لجنة اختيار وانتقاء كُتاب العدل بالمنطقة الغربية بعد صدور نظام القضاء سنة 1390هـ، وفي عام 1399ه انتخب رحمه الله عضواً بالمؤتمر العالمي الأول لتلاوة القرآن الكريم وتجويده المنعقد بمكة المكرمة، ثم اختير عضواً ممثلاً لوزارة العدل في مجلس الأوقاف بمكة المكرمة،كما كان عضواً في لجنة سياسة التعليم بالمملكة العربية السعودية، وعضواً بالمجلس الأعلى للتعليم العالي بالمملكة العربية السعودية، وعضواً بالمجلس الأعلى لجامعة أم القرى بمكة المكرمة ، وعضواً بالمجلس الأعلى لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وكذلك كان عضواً بمجلس شهداء الحرم المكي الشريف، وعضواً في مجلس إدارة جريدة الندوة التي تصدر من مكة المكرمة، كما كان رحمه الله عضوا في مجلس المستشارين بموسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، عضواً بجمعية التاريخ لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، وعضواً مشاركاً ببحث وكلمة في مؤتمر المملكة العربية السعودية في مائة عام بالرياض، وعضوا في الهيئة الاستشارية العليا لمجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، وكذلك عضوا في مجلس تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة وعضواً باللجنة الاستشارية لمجلة الحج والعمرة،وعضواً في المجلس الاستشاري الدولي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، وعضواً في مجلس إدارة الجمعية الخيرية بمكة المكرمة .
كما شارك الشيخ في مناسبات عديدة منها: مشاركته في الاحتفال السنوي لتلاوة وتجويد القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، وذلك في جمادى الأولى 1399ه، ومنها مشاركته عام 1404ه في المؤتمر الإسلامي السنوي للجامعة الإسلامية في بنغلاديش، ومشاركته في المؤتمر الرابع للسيرة والسنة النبوية في الأزهر الشريف بمصر في نفس العام، كما شارك في المؤتمر العالمي الرابع للسيرة والسنة النبوية في الأزهر الشريف بمصر، وذلك في صفر 1406هـ، وفي عام 1408ه شارك في المؤتمر الحادي عشر لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بمصر، ثم في عام 1422ه شارك ببحث عن حدود الحرم في جامعة الملك سعود بالرياض، كما شارك في ندوة الحج العلمية الكبرى لمركز خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج في جامعة أم القرى ببحث عن أعلام الحرم المكي، وترأس الجلسة الثانية للندوة في ذي القعدة من نفس العام، وهو أحد الباحثين العرب المكلفين بإعداد موسوعة (أعلام العلماء العرب والمسلمين) مكلفاً من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بجامعة الدول العربية.
قضى الشيخ رحمه الله جلّ وقته في العلم والبحث، وتنمية الثقافة والعلم في المجتمع، وشارك بأعمال جليلة في خدمة الإسلام والمسلمين، وقد ترك رحمه الله مكتبة كبيرة تضم أكثر من 30 ألف كتاب، وهي مفتوحة للزائرين.
توفي رحمه الله بعد هذه الحياة الحافلة يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر شوال عام 1434ه، وصلي عليه في مكة المكرمة في يوم الجمعة، ودفن بمقبرة العدل.
قال عنه الدكتور زايد بن عجير الحارثي عميد كلية التربية بمكة المكرمة:(إن الفقيد كان يتميز بسماحة وكرم وحب لمساعدة كل محتاج، وقد كنت أزوره في مكتبته وأرى ذلك بنفسي، وقد أهداني قبل وفاته يرحمه الله كتابه الذي ألفه في توسعة المسعى).
وقال الدكتور فواز الدهاس المشرف العام على متاحف جامعة أم القرى وأستاذ التاريخ: (إن الشيخ قد خدم وطنه وقدم له خدمات جليلة استفاد منها الكثير من الباحثين والعلماء، وبعد تقاعده يرحمه الله اتجه الى تسخير إمكانياته العلمية والمادية في تحقيق الكثير من التراث المكي وإعادة تحقيق وطباعة عدد من الكتب، مثل أخبار مكة، وقد ألف يرحمه الله كتابا عن حدود الحرم وقدم فيه جهدا كبيرا، كما أنه له كتاب عن المشاعر المقدسة وعن الصفا والمروة وغيرها من الكتب الاخرى...وكان منزله مفتوحا لأحبائه وأصدقائه .
ترك الشيخ بعد وفاته بحوثا وكتبا علمية نافعة منها:
1/ الحرم المكي الشريف والأعلام المحيطة به دراسة تاريخية ميدانية. وقد طبعت عام 1415ه. وقد ترجم إلى الانجليزية.
2/ حدود المشاعر المقدسة (منى - عرفات - مزدلفة). طبع عام 1415ه.
3/ المنهج الفقهي العام لعلماء الحنابلة ومصطلحاتهم في مؤلفاتهم. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1421ه.
4/ تعليم البنات في المملكة العربية السعودية، بداياته ومسيرته وحاضره. الطبعة الأولى 1419ه.
5/ حقق كتاب إفادة الأنام بأخبار بلد الله الحرام مع تعليقه المسمى إتمام الكلام لمحمد بن عبد الله غازي. مكتبة الأسدي الطبعة الأولى 1430ه.
6/ حقق كتاب أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه للفاكهي. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 1414ه.
7/ حقق كتاب جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن للإمام ابن كثير. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 1419ه.
8/ حقق كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي لمحمد بن عبدالله الزركشي. مكتبة الأسدي، الطبعة الثالثة 1430ه.
9/ حقق كتاب معونة أولي النهي شرح المنتهى لابن النجار الفتوحي الحنبلي. مكتبة الأسدي، الطبعة الخامسة 1429ه.
10/ حقق كتاب الأحاديث المختارة للمقدسي. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الرابعة 1421ه.
11/ حقق كتاب المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح للدمياطي. مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة، الطبعة الخامسة 1414ه.
12/ حقق كتاب إرشاد أولي النهي لدقائق المنتهى للشيح منصور بن إدريس البهوتي الحنبلي. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1421ه.
13/ حقق كتاب الممتع في شرح المقنع للشيخ زين الدين أبي البركات المنجي بن عثمان بن أسعد بن المنجي التنوخي المصري الدمشقي الحنبلي. مكتبة الأسدي، الطبعة الثالثة 1424ه.
14/ حقق كتاب الواضح في شرح مختصر الخرقي لنور الدين عبد الرحمن بن عمر أبي القاسم بن علي بن عثمان الضرير. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1421ه.
15/ حقق كتاب المستوعب لنصير الدين السامري الحنبلي. مكتبة الأسدي، الطبعة الثانية 1424ه.
16/ تحقيق كتاب التاريخ القويم لمكة والحرم الكريم لمحمد طاهر الكردي. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1420.
17/ حقق كتاب الدر الكمين بذيل العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين لنجم الدين بن فهد. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1421ه.
18/ حقق كتاب رؤوس المسائل في الخلاف لعبد الخالق العباسي على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1421ه.
19/ حقق كتاب رؤوس المسائل الخلافية لأبي المواهب الحسين بن محمد العكبري. مكتبة الأسدي، الطبعة الأولى.
20/ حقق كتاب فتح الملك العزيز بشرح الوجيز لعلي بن عبد الحميد البغدادي. دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1423ه.
21/ حقق كتاب تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام والمشاعر العظام ومكة والحرم وولاتها الفخام لمحمد بن أحمد بن سالم المكي المعروف بالصباغ . مكتبة الأسدي الطبعة الأولى 1424ه.
22/حقق كتاب أخبار مكة وماجاء فيها من الآثار للأزرقي. مكتبة الأسدي الطبعة الأولى 1424ه.
23/ حقق كتاب الحاوي في الفقه للعبدلياني . مكتبة الأسدي، الطبعة الأولى.
24/ حقق كتاب رموز الكنوز في التفسير للرسعني. مكتبة الأسدي، الطبعة الأولى.
مصادر ترجمته:
1/ موقع الشيخ عبدالملك بن دهيش الرسمي
http://www.bin-dehaish.com/about/
2/ الملتقى الفقهي
http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=7004
3/ عكاظ. مقال بعنوان مكة تودع ابن دهيش أحد علمائها البارزين الجمعة / 23 / شوال / 1434 هـ
http://okaz.com.sa/article/601034/
4/ عكاظ مقال للدكتور عبدالوهاب أبو سليمان بعنوان: معالي الدكتور عبدالملك بن دهيش.. الحب والمآثر والوفاء الأحد / 25 / شوال / 1434 هـ
http://okaz.com.sa/article/601807
5/ جريدة الجزيرة مقال للدكتور عبداللطيف بن محمد الحميد بعنوان: الشيخ عبدالملك بن دهيش: رجل العلم والقضاء والإدارة
http://www.al-jazirah.com/2013/20130929/wo2.htm
ترجمة خاصة لموقع علماء مكة الخيري أعدها إبراهيم محمد صديق