نشأته وبداية طلب العلم:
عمر بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز السبيل، من آل غيهب، فخذ من قبيلة بني زيد المشهورة في نجد، وهي من قضاعة، وقضاعة من قحطان، ولد في مدينة البكيرية إحدى مدن منطقة القصيم، في رمضان من سنة 1377هـ، ونشأ في بيئة علمية صالحة، فأبوه الشيخ محمد السبيل إمام وخطيب المسجد الحرام، وعمه الشيخ عبدالعزيز السبيل أحد علماء نجد الكبار، نشأ في مدينة بريدة ودرس بها السنة الأولى والثانية الابتدائية، ثم انتقل مع والده إلى مكة المكرمة في سنة 1386هـ، حيث عُيِّن والده الشيخ محمد السبيل إماما للمسجد الحرام سنة 1385هـ.
الانتقال إلى مكة ودراسته في معهد الحرم:
أكمل دراسته الإبتدائية في إحدى مدارس مكة المكرمة، فلما أتمها انتقل إلى الدراسة في معهد الحرم المكي، ليدرس المرحلة الإعدادية والثانوية، وقد كان فيها من أجود الطلاب وأحرصهم على العلم وأكثرهم أدبا مع شيوخه، وقد أتم حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب في الخامسة عشرة من عمره، حيث تخرج من معهد الأرقم ابن أبي الأرقم التابع لجماعة تحفيظ القرآن الكريم، وكان قد حفظه على يد الشيخ محمد أكبر، الذي حفظ على يديه العديد من أبناء مكة آنذاك، وقد حصل منه على إجازة في رواية حفص عن عاصم، وبعدها عرض القرآن على بعض القراء عدة مرات، وقد حُبِّب إليه العلم منذ الصغر، وبعد أن أتم دراسته في معهد الحرم المكي درس فصلا دراسيا واحدا في جامعة أم القرى، لكنه رغب في الانتقال للرياض ليطلب العلم على عدد من العلماء فيها مع دراسته في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فكان له ذلك، فأتم دراسته الجامعية هناك، حتى تخرج فيها عام 1402هـ، واختير معيدًا في الكلية في تلك السنة، ثم رغب الانتقال إلى مكة المكرمة، ليشرف بجوار بيت الله الحرام، وليكون قريبا من والديه، فيسر الله تعالى له ذلك، فعين معيدا سنة 1403هـ في كلية الشريعة في جامعة أم القرى، وظل فيها مؤديا لرسالته العلمية تدريسا ودراسةً فيها، وفي المسجد الحرام على علمائه، بالإضافة إلى قيامه بالتدريس في مسجده لبعض طلاب العلم، وقدَّم أثناء ذلك رسالته للماجستير والتي هي بعنوان: " أحكام الطفل اللقيط دراسة فقهية مقارنة"، وحصل على درجتها سنة 1406هـ.
وواصل تحضيره لمرحلة الدكتوراه فقدم رسالته لنيلها بتحقيقه لكتاب "إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل" للإمام عبد الرحيم بن عبدالله الزيراني الحنبلي ت: 741هـ وحصل على درجتها في عام 1412هـ، وقد أوصت لجنة المناقشة بطبع هذا الكتاب، فطبع في مركز إحياء التراث الإسلامي في جامعة أم القرى.
تعيينه إماما وخطيبا وتدريسه بالمسجد الحرام:
استمر في أداء عمله في الجامعة وقيامه بمهام الإمامة والتدريس في المسجد الحرام إلى أن توفي رحمه الله، وقد عين إماما وخطيبا للمسجد الحرام في شهر ربيع الأول من عام 1413هـ، وشرع في التدريس فيه بعد تعيينه إماما للمسجد الحرام، وكانت له حلقة بعد صلاة العصر، واستمر في تدريسه وإفتائه للناس إلى أن توفي.
جوالاته الدعوية داخل المملكة وخارجها:
وكانت له جولات دعوية داخلية كثيرة في عدد من مدن المملكة وقراها، مُرَكِّزا فيها على تقرير عقيدة السلف وبيان مناهجهم الصحيحة في تعاملاتهم وتصرفاتهم، كما كانت له مع والده جولات خارجية كثيرة، فقد اصطحبه في كثير من جولاته الدعوية إلى خارج المملكة، كما أنه استقل بعدد من الرحلات الدعوية والعلمية، ومن أبرزها:
- إلى الإمارات وبالخصوص في إمارة رأس الخيمة، حيث لبَّى دعوة من حاكمها الشيخ صقر القاسمي في شهر صفر من عام 1421هـ، وكانت زيارته الأولى للمنطقة واحتفى به حاكمها كثيرا، وكانت الزيارة حافلة بالمحاضرات والزيارات لعدد من الإمارات التي كان لها أثر كبير.
- وفي جمادى الآخرة من عام 1422هـ لبى دعوة من مركز الشيخ/ محمد بن خالد آل نهيان، وكانت حافلة كسابقتها حيث زار عددا من الإمارات وألقى العديد من المحاضرات.
- وكذلك في اليابان: حيث لبى دعوة من أمين جمعية الوقف الإسلامي باليابان لافتتاح مسجد {أوتسكا} بطوكيو، في عام 1420هـ حيث افتتح المسجد وألقى فيه خطبة الجمعة، وعددًا من المحاضرات بالإضافة الى لقائه بعدد من الدعاة هناك، وبعض الجالية المسلمة، وغير ذلك من الرحلات العلمية والدعوية.
أعماله:
كان رحمه الله كارها للأعمال والمناصب الإدارية، ويدفعها بأشد ما يستطيع، ولكنه إذا كلف بها وفَّاها حقها التزاما وأداءً ومن بين هذه الأعمال: رئاسته لقسم الشريعة في عام 1414هـ، ثم مديرا لمركز الدراسات العليا الإسلامية المسائية عام 1415هـ، ثم وكيلا لكلية الشريعة عام 1415هـ، ثم عميدا لكلية الشريعة عام 1417هـ، بالإضافة إلى رئاسته عددًا من اللجان في الجامعة، و مشاركته في عدد منها.
مشايخه في مكة:
تتلمذ – رحمه الله – على عدد من العلماء، ففي مكة قرأ على:
- الشيخ محمد أكبر شاه، -كما سلف- فقد حفظ عليه القرآن الكريم وحصل منه على إجازة في قراءة حفص عن عاصم.
- والشيخ سعيد محمد العبدالله المدرس بجامعة أم القرى سابقا: قرأ عليه القرآن قراءة تجويد وكان يتردد عليه للقراءة حتى حصل منه على إجازة بقراءة عاصم براوييه حفص وشعبة، و بقراءة ابن كثير براوييه البزي وقنبل، وبقراءة أبي جعفر برواية ابن وردان وابن جماز، وبقراءة الكسائي برواية الدوري وأبي الحارث، وصل فيها إلى الأنبياء.
- وقرأ على عمه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله السبيل، وقد أفاد منه كثيرا.
- وكذلك قرأ على والده الشيخ محمد السبيل، وقد حصل منه على إجازة في الحديث، وفي سند المد النبوي.
- وقرأ على الشيخ عبدالله الصومالي، في علم الحديث.
- والشيخ عبدالفتاح راوه المدرس بالمسجد الحرام والفرضي المعروف في مكة المكرمة، درس عليه علم الفرائض، وحصل منه على إجازة فيه.
- والشيخ محمد صالح حبيب وقد درس عليه النحو في المسجد الحرام، وفي منزله.
مشايخه في الرياض:
هؤلاء هم أبرز من تتلمذ عليهم رحمه الله في مكة المكرمة، ومن مشايخه الذين قرأ عليهم في الرياض:
- الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد.
- والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز.
- والشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن غديان، وغيرهم كثير.
تلاميه:
وقد تتلمذ عليه – رحمه الله- عدد من طلاب العلم منهم:
- الشيخ ناصر بن عبدالله الميمان.
- والشيخ غازي بن مرشد العتيبي.
- والشيخ محي الدين سليمان إمام النيجيري.
- والشيخ مشعل بن غنيم المطيري.
- والشيخ فيصل بن داود المعلم.
- والشيخ نصير البركاتي الشريف، وغيرهم.
وفاته:
بعد أن أدى مناسك الحج من عام 1422هـ، ذهب إلى القصيم ثم قفل راجعا بسيارته إلى مكة في يوم السبت الموافق 18 /12/ 1422هـ مع عائلته، وفي أثناء الطريق تعرّض لحادث مروري انقلبت سيارته على إثره عدة مرات، فأصيب رحمه الله في رأسه نتج عن ذلك نزيف في المخ، وبقي بعد الحادث قريبا من نصف ساعة وهو يتشهد، ويحمد الله ويذكره حتى دخل في غيبوبة استمرت أسبوعين كاملين، رقد خلالها في مستشفى القوات المسلحة بالهدا، وفي غرة العام الهجري الجديد، توفي في عصر يوم الجمعة الأول من شهر الله المحرم من عام 1423هـ، وصلى عليه في المسجد الحرام بعد عصر يوم السبت الموافق 2/ 1/ 1423هـ، وقد صلى عليه والده الشيخ محمد السبيل، وقد خلف من الذكور أربعة أبناء هم: أنس – ومحمد- وعبدالله- وعبدالعزيز ، وقد ولدت له ابنة قبل وفاته بعشرة أيام.
مؤلفاته:
1- أحكام الطفل اللقيط دراسة فقهية مقارنة/ وهي رسالة الماجستير.
2- دراسة وتحقيق كتاب (إيضاح الدلائل في الفرق بين المسائل) لعبد الرحيم الزريراني الحنبلي، وهي رسالة الدكتوراه، وطبعه مركز إحياء التراث الإسلامي في جامعة أم القرى، وطبع طبعة ثانية في دار ابن الجوزي.
3- البصمة الوراثية ومدى مشروعية استخدامها في النسب والجناية ، وهو بحث قدمه للمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي.
4- حكم الطهارة للمس القرآن الكريم، وما يتعلق بذلك من أحكام دراسة فقهية مقارنة، وقد نشرته مجلة جامعة ام القرى.
5- ترجمة مختصرة لعمه الشيخ/ عبدالعزيز السبيل.
بالإضافة إلى بعض الكتب التي لم يتمها أو التي كان قد شرع فيها.
مصادر الترجمة:
- الغيث المجلل في ترجمة الشيخ عمر بن محمد السبيل، لسلمان المشعل.
- ترجمة من موقع المترجم له الرسمي على الشبكة، بقلم: عبد الملك بن محمد السبيل.
- أئمة الحرم في العهد السعودي، لعبد الله الزهراني، (ص51).
- وسام الكرم ليوسف الصبحي (ص314).
- صور وعبر من حياة الشيخ عمر لأحمد دباء العسيري.
- تاريخ أمة في سير أئمة، إعداد: مركز تاريخ مكة بإشراف: صالح بن حميد (3/ 1262).
- صور مشرقة في حياة الشيخ عمر السبيل لمشعل المطيري.
- المدرسون في المسجد الحرام لمنصور النقيب(3/ 116).