كان رحمه الله طويلا، معتدل الجسم، أبيض اللون، تشوب بياضه حمرة خفيفة، واسع العينين، أقنى الأنف.
أخذ علمي الأدب والفلك عن: الشيخ عبدالله بن صدقة دحلان، وتلقى عن أخيه وعن مشايخ عصره: التفسير، والحديث، وأصول الفقه، والبلاغة، وممن أخذ منهم: مفتي الشافعية الشيخ حسين الحبشي، قرأ عليه في الحديث، ومنهم: محمد يوسف خياط، وسعيد اليماني، وأسعد دهان، وعبدالرحمن دهان، كما رحل إلى المدينة عدة مرات، وقابل فيها: الشيخ محمد بن جعفر الكتاني، فحضر دروسه، واستجازه، كما قد روى عن شعيب الدكالي وعلي بن ظاهر الوتري، وغيرهم.
قام برحلات إلى: مصر، وفلسطين، والشام، ولبنان، الهند، والملايو، فكانت رحلة ثقافية فكرية، قرأ خلالها نفائس كتب السلف الصالح، ودعوات المجددين المصلحين، أمثال: ابن تيمية وابن القيم ومحمد عبدالوهاب، وكان قوي الإيمان في عقيدته، ويدافع عنها، فخاف ولاة عصره أن يزعزع مركزهم فجعلوه تحت الرقابة ولم يفلحووا، وقد كان يقاوم حكم الشريف الحسين بن علي؛ لأنه كان ظالما كما يصفه الشيخ صالح الحسيني ، فسُجن، وكان معه الشريف رضا في سجن الحسين بمكة المكرمة، وكان معارضا له ولابنه، ولما جاء العهد السعودي كان موضع ترحيب وإكرام وإجلال من الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، وقد عُيّن عضوا بمجلس الشورى مع في بداية تأسيسه عام 1345ه.
تصدى للتدريس بالمسجد الحرام بعد عودته من رحلاته، فدرّس في حصوة باب الزيادة، علوم: اللغة العربية، والفقه الشافعي، وتولى عدة مناصب حكومية في العهد السعودي: فقد انتخب عضوا في الجمعية الوطنية الأهلية، ثم عضوا في لجنة التفتيش والإصلاح، ثم مستشارا لنائب جلالة الملك في الحجاز، ثم مديرا للمعارف ثم عضوا بمجلس الشورى، وفي عام 1350ه عين معاونا لنائب جلالة الملك، وعضوا في مجلس الوكلاء، ثم عاد إلى مجلس الشورى، وكان قد أصبح النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى، وكان النائب الأول هو: الأمير فيصل رحمه الله، وكانت رئاسته شرفية، ويحضر حفلات الافتتاح فقط، فكان كل المجلس ملقى على عاتق الشيخ صالح، وقد قام بعمله بكفاءة وحزم، وكانت له في جميع مناصبه مواقف حازمة، تناقلتها الألسن، وتحدثت بها المجالس، صلى مرة إماما بالمسجد الحرام صلاة المغرب لتأخر الإمام.
كان حازما في عمله، أمينا، لايوقع قرارا إلا إذا رأى فيه مصلحة للأمة، وإذا ما أقره بذل مافي وسعه لتصديقه من المقام السامي وتنفيذه، وكان يعرف للعلماء فضلهم، ويجلهم، ويحترمهم، ويعرف للمخلصين العاملين جهدهم، ونشاطهم، فيكافئهم. كما كان رحمه الله قوي الشكيمة في الدفاع عن المظلوم ونصرته، والذب عن حياضه، وكان بابه مفتوحا يقصده ذوو الحاجات فيحسن استقبالهم، ويطيب خاطرهم، ويقضي حوائجهم، بجاهه، ونبل أخلاقه، وحياته حافلة بالمجد، والعمل، والترفع، والنزاهة، والإباء، والتواضع.
ساهم رحمه الله في رفع الضريبة المفروضة على أهالي مكة؛ لدخول مكة، والتي كانت تسمى: (كوشان)، فرفع الشيخ إلى الملك عبدالعزيز لإلغائها فألغيت، وهي ضريبة قليلة كانت تؤخذ على كل من يريد دخول مكة، وقد ألغيت بالكلية عام 1370ه، وكان يلقي محاضرات في جمعية الإسعاف بمكة المكركة ويحضر له كثيرون، وكانت آخر محاضر له بعنوان: الإسلام والدعوة القومية. إلا أنه قبيل مغرب تلك الليلة توفي رحمه الله ولم يلق تلك المحاضرة، وكان ذلك عام 1369ه.
مصادر ترجمته:
1/ أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر للهجرة لمحمد علي مغربي، دار تهامة. (1/63-74).
2/ أعلام المكيين لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1421هـ.(1/562).
3/ تاريخ أمة في سير أئمة لصالح بن عبد الله بن محمد بن حميد، مركز تاريخ مكة المكرمة ، 1433هـ. (3/1203-1205).
4/ تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع. لمحمد سعيد بن محمد ممدوح، الطبعة الثانية، بيروت 1434ه. (472-474).
5/ الجواهر الحسان، في تراجم الفضلاء والأعيان، من أساتذة وخلان. لزكريا بيلا. مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، دراسة وتحقيق: عبدالوهاب أبو سليمان، محمد بن إبراهيم. 1427ه.(1/351-353).
6/ سير وتراجم لعمر عبدالجبار، دار تهامة، الطبعة الثالثة 1403هـ. (124-127).
• ترجمة خاصة لوقف علماء مكة الخيري من إعداد/ إبراهيم محمد صديق.