ولد حفظه الله في قرية حوالة بمنطقة الباحة عام 1370ه، وتلقى حولها دراسته حتى الثانوية، فقد تلقى تعليمه الابتدائي في القرية المجاورة وحصل على الشهادة الابتدائية من المدرسة الرحمانيه بقذانة، ثم التحق بمعهد بلجرشي العلمي فانهى دراسته هناك،
وكان معروفا بالجد والاجتهاد والتميز بين أقرانه، وظهر نبوغه منذ وقت مبكر من حياته، بعد أن أكمل الثانوية سافر إلى المدينة المنورة والتحق هناك بالجامعة الإسلامية لدراسة البكالوريوس، فدرس في كلية الشريعة ونال شهادته منها، وبعد أن أكمل البكالوريوس انتقل إلى جامعة أم القرى في مكة المكرمة لإكمال دراساته العليا، فأكمل دراسته في قسم العقيدة ونال درجة الماجستير فيها بامتياز وكان موضوع رسالته: "العلمانية وأثرها في الحياة الإسلامية"، ثم في عام 1406ه نال درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف وكانت رسالته بعنوان: "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي".
طلب الشيخ العلم من عدد من المشايخ الفضلاء خاصة بعد أن درس في الجامعة الإسلامية وجامعة أم القرى ومن أبرز مشايخه: الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ محمد المختار الشنقيطي، والشيخ عبد العظيم الشناوي، والشيخ حماد الأنصاري، والشيخ عبد الغفار حسن الباكستاني، والشيخ عبد المحسن العبّاد، والشيخ محمد المجذوب، والشيخ محمد الغزالي، ومن أبرز مشايخه الشيخ محمد قطب، فقد تأثر به كثيرا وكان مشرفا عليه في مرحلتي الماجستير والدكتوراه.
عرف الشيخ حفظه الله بحضوره الفكري القوي في الساحة الإسلامية، وكانت
خطبه ومحاضراته محل جدل في كثير من الحالات، وكان يمثل رمزا من رموز تيار كان له حضوره في الساحة، ودخل في نقاشات عديدة مع كثير من مخالفيه، ولكتبه ومحاضراته قوة وحضور وسط الشباب الإسلامي آنذاك، وكان قد بدأ محاضراته في مسجد الأمير متعب في شارع باخشب المحاذي لجامعة الملك عبدالعزيز، ومثّل هو وبعض المشايخ الآخرين تيارا فكريا دافعوا عنه بقوة، وساهم الشيخ ومن معه من المشايخ في بناء خطاب إسلامي معتدل متوازن متكامل، واستطاعوا جذب شريحة كبيرة من الشباب إليه، وغرسوا في الناس حب الدين وضرورة التمسك به، كما أنهم لم يغفلوا الجوانب الروحية والأخلاقية، وقد تميز الشيخ بقراءاته للفكر الغربي وتتبعه ورصد تحليلات حوله بناء على تعامل الفكر الغربي مع الفكر الإسلامي على مر التاريخ، وكان للشيخ حضور بارز وسط الشباب الإسلامي، خاصة وأنه كان مهتما بالفكر السياسي الإسلامي، ورصد سياسات دول أخرى تجاه الإسلام والمسلمين، وقدم في ذلك كتبا عديدة من أشهرها "القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى" وكتاب "يوم الغضب" وكتاب "الانتفاضة والتتار الجدد"، بيد أنه كانت له مسائل واجتهادات خالف فيها كبار العلماء في السعودية كالشيخ ابن باز وابن عثيمين، ويبرز ذلك واضحا وجليا في استعانة المملكة العربية السعودية بقوات أجنبية للدفاع عن أراضيها، فكان رأي الشيخ سفر مخالفا لرأي الدولة ورأي كبار العلماء كابن باز وابن عثيمين وأصدر في ذلك عددا من الكتب من أشهرها كتابه الشهير: "كشف الغمة عن علماء الأمة"، والذي عرف فيما بعد "وعد كيسنجر والأهداف الأميركية بالخليج، كما أصدر شريطه الذي هو بعنوان: "ففروا إلى الله"، وأحدث الكتاب والشريط جدلا واسعا في الخطاب الفكري الإسلامي السعودي، وتمت مناصحته من الشيخ ابن باز وابن عثيمين، ثم تراجع الشيخ سفر عن موقفه ذاك واستبان له خطؤه فيه، فقدم اعتذارا عن كل ما كتبه وسجله حول هذا الموضوع، وقد مدحه المشايخ الكبار فقد سئل ابن عثيمين رحمه الله فقيل له: لقد ابتلينا في هذه الأيام ببعض طلبة العلم الذين يتكلمون في بعض المشايخ وفي بعض الدعاة، حتى نيل من شيخنا سفر – حفظه الله- واتُّهم في ملته، ووُصف بأنه (خارجي)، ولا زال القوم الذين تولوا هذا الأمر مصرين على ذلك ، فهل لكم من كلمة حفظكم الله ؟
فخاطب الشيخ ابن عثيمين الشيخ سفر وكان حاضرا فقال له:
هل تقول بكفر فاعل الكبيرة؟
وكان رد سفر وهو بعيد عن الميكروفون : معاذ الله.
فقال الشيخ ابن عثيمين للحضور : هذا أبرز شعار الخوارج أنهم يكفّرون بالكبيرة.
ثم سأله مرة أخرى: هل تقول بجواز الخروج على الأئمة؟
رد الشيخ سفر وهو بعيد عن الميكروفون : معاذ الله.
فقال ابن عثيمين للحضور : إذاً، لا يقول بجواز الخروج على الأئمة، إذاً أين الخارجية فيه؟!! أقول أنا إن سفر الحوالي من الخوارج على أهل الباطل، نعم؛ هذا هو الذي أعتقده فيه، ولا أرى فيه إلا الخير، ولا علمتُ فيه إلا الخير، ولكني أقول يا إخواني: كلما برز الإنسان في نعمة كثر حساده ، هذه قاعدة مطردة. متى رأيت شخصا في نعمة فاعلم أن الحسد أمامه، ابن آدم قرّب قرباناً فتُقبّل منه، نعمة من الله. ماذا قال له أخوه؟ " قال لأقتلنك " أقتلك، أُعدمك؟! قال له:" إنما يتقبل الله من المتقين"، فاتق الله يقبل الله منك ، إذاً الحسد موجود في بني آدم منذ ظهروا من أبيهم، الحسد موجود، وكلما ازدادت النعم ازداد الحاسدون، ولكن للشيخ سفر الحوالي - ولغيره من أهل العلم الذين تكلم الناس فيهم - لهم أسوة في أفضل الخلق وهم الأنبياء ، الله عز وجل قال : " ولقد كُذّبت رسل من قبلك فصبروا على ما كُذبوا وأوذوا "، أخونا سفر الآن سمعتم جوابه، سألناه هل يرى كفر فاعل الكبيرة ؟ فقال: معاذ الله !
هل يرى الخروج على الأئمة ؟ قال: معاذ الله !
هذا أبرز ما يكون من مذهب الخوارج ، وهو قد تبرّأ منه ، واستعاذ بالله منه
والحمد لله على التوفيق.( )
عرف الشيخ بالوسطية والاعتدال خاصة بعد المناقشات التي جرت بينه وبين ابن باز وابن عثيمين، وكان له دور كبير في قضية الفئة الضالة والتي ظهرت في المملكة العربية السعودية وتنتهج نهج التكفير والقتل، فكان للشيخ دور في تسليم عدد منهم أنفسهم للحكومة، كما تمت مناصحات منه لهذه الفئة التي خرجت على الأمة وعلى حكومة المملكة العربية السعودية، وخرجت عن السمع والطاعة، فناصحهم وجادلهم، كما قام الشيخ في هذه القضية بتقديم مبادرة تتلخص في إعطائه فسحة من الوقت لإقناع الشباب الذين انضموا إلى هذه الفئة لرجوعهم عنها ودخولهم إلى الحق مع ضمان الأمان لهم.
درّس الشيخ في جامعة أم القرى، وعمل رئيسا لقسم العقيدة لفترتين، كما اختير أمينا عاما للحملة العالمية لمقاومة العدوان، عرف عن الشيخ رصانة قلمه، وبراعة يراعه، وخطبه ودروسه تشهد بذلك، كما أنه حفظه الله كان ينظم الشعر، ومعظم شعره في هموم الأمة الإسلامية، فقد كان حفظه الله مهموما بأمته، مهتما بها غاية الاهتمام، كما كانت له قراءة واسعة جدا في كتب التراث، يقول عنه خضر صالح سند: "كلما جلست إليه حدثني عن البدع والمحدثات وكلما ظننت أنني سبقته بمعرفة نحلة وجدت أنني في أول الطريق بل حتى غرائب الكتب والمخطوطات كان عجيباً فيها فقد سألته مرة عن مخطوطة عندي بعنوان مسائل الامتحان للشيرازي وذكرت له أنني سألت بعض كبار العلماء المتخصصين فلم يعرفوا أن أحداً تكلم عليها فقال لي على البديهة أنها سيئة وخلاف منهج السلف ولكني لم أطلع عليها وقد ذمها ابن تيمية فقلت متلهثاً وأين ذمها ؟ فقال في المجلد الرابع من الفتاوى" وقال أيضا: " ولقد صاحبت ذات مرة رجلاً متخصصاً في الصوفية ويحضر رسالة في التصوف وهو بحقٍ باحث مطلع إلا أنه مبغض للشيخ سفر ومعاد له لأنه في نظره لايعرف الاعتقاد وقد أخذته بدون أن يشعر أو يدري فلما تواجه مع الشيخ سأله عن الصوفية وإذا بالبحر يتدفق فتحمس للسؤال عن بعض المراجع النادرة والشخصيات العابرة التي واجهه صعوبة في البحث عنها فكان جوابه أسرع في تفكيره وصوابه أكثر مما دار في خلد صاحبنا المبغض للشيخ فخرجنا بعدة فوائد ومسائل فقال صاحبي غشنى فلان غشني فلان يعني الذي قدح في الشيخ وغرر بي هذا الشخص"، ( ) كما أن الشيخ يغرس في نفوس الطلاب حب السلف واتباعهم، وكان يفتح منزله كل يوم لطلاب العلم، ويتلمس حاجاتهم، كما أنه معروف باللين والابتسامة، وبعطفه ولين جانبه مع الناس.
في يوم الجمعة الثالث من جمادى الأولى عام 1426ه أغمي على الشيخ سفر نقل على إثرها إلى مستشفى النور بمكة المكرمة، وتبين أنه يعاني من نزيف دماغي أجريت على أثره له عملية جراحية، وقد خرج منها الشيخ إلا أن الأمراض توالت عليه مع كبر سنه، ولازال الشيخ في بيته بعيدا عن الساحة الفكرية المباشرة إلا أنه يشارك فيها عبر كتبه.
عرف الشيخ بقوة الحجة والبيان وله حوارات عديدة، ومحاضرات ودورس موجودة أغلبها في موقعه الرسمي( ) أما كتبه فهي أيضا عديدة من أهمها:
1- منهج الأشاعرة في العقيدة. دار منابر الفكر.
2- رسالة من مكة، عن أي شيء ندافع؟ دار ابن حزم 2002م.
3- الموقف الشرعي من أحداث 11 سبتمبر. دار منابر الفكر.
4- تطور الفكر الغربي والحداثة. دار منابر الفكر.
5- القدر بين الوعد الحق والوعد المفترى. دار منابر الفكر.
6- الانتفاضة والتتار الجدد. دار منابر الفكر.
7- العلمانية. دار منابر الفكر.
8- أصول الفرق والأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة.
9- ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي. دار الكلمة 1405ه.
مصادر ترجمته:
1/ خضر صالح سند في مقالة بعنوان ذكرياتي مع الشيخ سفر الحوالي
http://www.saaid.net/Warathah/safar/02.htm
2/ منتديات الدفاع عن الصحابة
http://www.al-shaaba.net/vb/showthread.php/10568-%D9%86%D8%A8%D8%B0%D8%A9-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%B3%D9%81%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A
3/ صيد الفوائد-محمد الحضيف
http://www.saaid.net/Warathah/safar/04.htm?print_it=1
4/ منتديات سدير
http://www.sudeer.com/vb/showthread.php?t=21657
5/ بعض طلابه.
ترجمة خاصة لموقع علماء مكة أعدها إبراهيم محمد صديق