نشأته وبداية طلب العلم:
ولد رحمه الله في إندونيسيا بقرية (ساريك) بسومطرة الغربية، وكانت ولادته عام 1297هـ، تربى رحمه الله في هذه القرية وبدأ فيها بتلقي العلوم الشرعية، فدرس فيها مبادئ العلوم الشرعية ونبغ فيها وخاصة في علم اللغة العربية، فأرسله أخوه لطلب العلم والاستزادة منه إلى مكة المكرمة، فدرس فيها في الحرم المكي على علماء الحرم والقادمين إليه، حتى أخذ حظا طيبا من العلم، ثم سافر بنفقة أخيه أيضا -واسمه يحيى- إلى القاهرة، فأكمل فيها دراسته النظامية حتى نال الشهادة العالمية عام 1344هـ، وقد عرف رحمه اللله بتفوقه ونبوغه، وحرصه على طلب العلم وتتبعه، كما أنه اعتبر أول اندونيسي يحصل على الشهادة العالمية من الجامع الأزهر، ثم بعد أن أكمل الدراسة هناك وأخذ عن علماء الأزهر انتقل إلى مكة المكرمة في نفس العام واستقر فيها، وأكمل فيها دراسته على العلماء، والأخذ عنهم، والقراءة عليهم.
استقراره بمكة وافتتاح أول مدرسة أندونيسية فيها:
بعد أن استقر رحمه الله في مكة المكرمة تقدم بطلب إلى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله، بإنشاء مدرسة إندونيسية إسلامية في مكة المكرمة، فرحب جلالة الملك عبد العزيز بالفكرة، وذلك لما كان يتمتع به من حب للعلم والمعرفة والتشجيع على كل ما يخدم العلم، فأصدر رحمه الله موافقته على الطلب، وبناء عليها مُنح الشيخ جنان رحمه الله رخصة تأسيس هذه المدرسة وذلك عام 1346هـ، وتعتبر هذه المدرسة هي أول مدرسة إندونيسية تفتتح في مكة المكرمة، وهدف الشيخ من افتتاح هذه المدرسة هو وجود عدد كبير من طلبة العلم ممن يأتون من إندونيسيا والملايو لطلب العلم، وقد افتتح رحمه الله هذه المدرسة وسميت باسم مدرسة إندونيسيا، وكان يدرّس فيها المواد الشرعية والعلوم الإسلامية، رغبة من الشيخ جنان في أن يكون هؤلاء الطلاب سفراء للعلم الشرعي في بلادهم حين يرجعوا، وكان له ما أراد، فقد تخرج من هذه المدرسة الكثير من الطلاب الذين عادوا وأنشؤوا مدارس إسلامية في بلدانهم، وساهموا في نشر الكتب العلمية الإسلامية، وإنشاء أجيال تهتم بالعلم الشرعي في تلك البلدان، كما أن مجموعة كبيرة من الطلاب تخرجوا من المدرسة وأكملوا تعليمهم العالي في الجامع الأزهر، وأصبحوا دعاة للدين الإسلامي في ديارهم، وتولى بعض الطلاب الذين تخرجوا منها مناصب رفيعة المستوى والجاه في اندونيسيا وماليزيا، وقد كانت المدرسة في محلة القرارة بمكة المكرمة، وكانت الدراسة فيها على فترتين صباحية ومسائية وذلك لكثرة الطلاب فيها، وقد حضر افتتاحها عدد كبير من رجال العلم والأدب وعلماء مكة المكرمة ووجهائها، ولم تكن المدرسة منبرا للعلم الشرعي فقط، بل كان للمدرسة وطلابها دور كبير في التخلص من الاستعمار الهولندي في اندونيسيا، حيث شارك الشيخ جنان طيب في اللجان الوطنية وانضم مع المجاهدين الاندونيسيين الذين كان معظمهم من الطلبة،.وبقي رحمه الله يدير هذه المدرسة حتى توفي.
تدريسه بالمسجد الحرام:
وفي عام 1347هـ صدر مرسوم ملكي من الملك عبدالعزيز بتعيين الشيخ جنان مع مجموعة من علماء الحرم عضوا ومراقبا في هيئة مراقبة الدروس والتدريس في الحرم الشريف والتي يرأسها سماحة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رحمه الله، ثم عين رحمه الله مدرسا رسميا بالمسجد الحرام في نفس العام – أي عام 1347هـ- كما عين من قبل المحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة (مأذوناً شرعياً) لأبناء جنسه من الإندونيسيين والملايويين، وإضافة إلى أعماله قد تولى الشيخ رئاسة تحرير مجلة (يروان أزهر) وكانت تصدر شهريا بمواضيع دينية وثقافية.
كان رحمه الله أسمر اللون، متوسط القامة، له لحية بيضاء، وكان يلبس جبة فضفاضة وعمامة، وقد عرف رحمه الله بالحياء والصلاح والتقوى، وكان ذا أخلاق رفيعة، كما كان متواضعا لكل الناس، ويقابلهم بالبشاشة والابتسامة، كان موفقا على الدوام لفعل الخير والسعي من أجله، مصلحا بين الناس، فأحبه الناس كثيرا.
وفاته:
توفي رحمه الله بمكة المكرمة في العاشر من ربيع الأول عام 1365هـ، وقد دفن بمقبرة المعلاة بمكة المكرمة.
مصادر ترجمته:
1/ أعلام المكيين لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1421هـ. (347-348)
2/ التعليم الأهلي للبنين في مكة المكرمة تنظيمه والإشراف عليه، لفيصل عبدالله مقادمي. مطبوعات نادي مكة الثقافي 1404هـ. (150)
3/ رجال من مكة المكرمة، لزهير كتبي الطبعة الأولى 1415هـ (2/ 127- 133)
4/ المدرسون في المسجد الحرام من القرن الأول حتى العصر الحاضر لمنصور بن محمد بن عبدالله النقيب. معهد صفوت الصفوة للعلوم التطبيقية، الطبعة الأولى 1433هـ.
5/ موقع تراثيات الثقافة
http://toratheyat.com/t-2617.html