نشأته وبداية طلب العلم:
ولد رحمه الله في اليمن في مدينة البَرْك والواقعة في شمال غرب تعز، وذلك عام 1300هـ، نشأ في حجر والده الشيخ ناصر بن مدهش الشرعبي وهو شيخ قبائل شرعب الرونة الحميرية، وكان والده متصفا بالعلم والصلاح والعبادة والكرم، فتربى على هذه الصفات منذ صغره، وغرس فيه والده الصلاح والتقوى ورباه عليهما، كما حببه إلى العلم، ورغّب إليه الاستزادة منه، وغرس فيه تقدير العلماء وإجلالهم فنشأ في هذه البيئة محبا للعلم وأهله.
حفظ رحمه الله القرآن الكريم في صغره، وتعلم مبادئ الكتابة والقراءة في منطقته، ثم بعد أن أصبح في عمر يسمح له بطلب العلم رحل إلى مدينة زبيد وكذلك إلى مدينة بيت الفقيه جنوب شرق الحديدة باليمن، فطلب العلم هناك على علمائه، وبقي فيه مدة من الوقت يدرس العلوم الشرعية.
رحلته لأداء فريضة الحج واستقراره بمكة:
ثم انتقل رحمه الله إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وكذلك للاستزادة من العلم الشرعي على أيدي علماء البلد الحرام، ومن يزور الحرم من علماء العالم الإسلامي، خاصة وأن مكة المكرمة كانت موطنا للعلماء في كافة الجوانب الشرعية والدنيوية، وفيها المدارس التي ذاع صيتها في كافة أنحاء العالم الإسلامي، فكان له ما أراد وبدأ يتلقى العلم الشرعي في الحرم، وأقام برباط مخصص لطلبة العلم عند باب إبراهيم، وكانت له غرفة مخصصة تطل على الكعبة مباشرة، وكان من زملائه في الطلب في ذلك الوقت:
- الشيخ محمد العربي التباني.
- والشيخ حسن بن سعيد يماني.
- والشيخ حسن المشاط.
- والشيخ ياسين الفاداني.
- والشيخ أبو بكر بن أحمد بن حسين الحبشي.
- والقاضي عبد الحفيظ الفاسي.
- والشيخ أحمد بن شعيب الأزموري المغربي.
- والقاضي أحمد بن عبد الله ناضرين المكي.
- والشيخ أحمد بن الحسين آل جندان باعلوي، وغيرهم.
مشايخه:
أخذ رحمه الله عن مجموعة كبيرة من علماء اليمن ثم علماء مكة المكرمة، وكان قد التحق بالمدرسة الصولتية بمكة المكرمة قرابة ست سنوات، من عام 1331هـ وحتى عام 1337هـ، فأخذ عن علمائها ومدرسيها العلوم الشرعية والعربية، ومن مشايخه:
- الشيخ عيدروس بن عمر الحضرمي.
- والشيخ عبد الرحمن بن أحمد المعلمي.
- وعبد الرحمن بن علي الحداد.
- وعبد الرحمن بن محمد العلوي.
- وصالح بن محمد البيحاني.
- وحسين بن عبد الله الأهدل.
- ومحمد بن عبد الرحمن الأهدل، وهؤلاء من علماء اليمن الذين أخذ عنهم، أما علماء مكة المكرمة فهم كثيرون، ومنهم:
- الشيخ بهاء الدين الأفغاني المكي.
- والشيخ عمر أبو بكر باجنيد.
- والشيخ علوي بن أحمد السقاف.
- والشيخ محمد سعيد بابصيل.
- والشيخ عبد الله بن أحمد الغمري.
- والشيخ حسين بن محمد الحبشي.
- والشيخ أحمد بن حسن العطاس.
- والشيخ علي عثمان شطا، وغيرهم.
كان رحمه الله منكبا على العلم، دراسة وتحصيلا وتدريسا، وكان يتجنب قبول الوظائف الإدارية حتى لا تشغله عن طلب العلم، وقد عرف بحسن الأخلاق، وكرم الخصال، وكان ينصت إلى الناس حين يتحدثون إليه، ويحاورهم بلطف ولين، فأحبه الناس، وقبلوا منه النصح والتوجيه، وكان قليل الكلام إلا فيما يرضي الله، كثير التلاوة، دائم المطالعة وخاصة لكتب الشافعية، محباً للعلم والعلماء.
تدريسه بالمسجد الحرام:
بعد أن أخذ الشيخ عن مجموعة كبيرة من العلماء ونال حظا وافرا من العلم، بدأ التدريس في المسجد الحرام، وكانت دروسه بين المغرب والعشاء بحصوة باب الزيادة، ثم حول درسه إلى حصوة باب أجياد، وقد درس كذلك في المدرسة الصولتية بعد أن تخرج فيها كما كان يدرس في مدرسة الفلاح بمكة المكرمة من عام 1345 إلى 1348هـ.
وفي هذا العام – أي عام 1348هـ- قرر مؤسس مدارس الفلاح محمد علي رضا زينل اختيار مجموعة من المشايخ ليدرسوا في بومباي بالهند، وكان الشيخ أنعم رحمه الله من ضمن المدرسين الذين اختارهم محمد علي زينل، فرحل إلى الهند ودرّس هناك، حتى عاد منها عام 1359هـ، وبعد عودته تعيّن رحمه الله مدرسا بمدرسة الفلاح بجدة، وبقي فيها حتى عام 1366هـ، وكان مع تدريسه في الفلاح له دروس في مسجد الشافعي مساء كل يوم، إضافة إلى تدريسه في داره بمكة المكرمة، وكان أكثر ما يدرسه هو الفقه الشافعي، كما ذاع صيته في علم الفرائض، وكان منهجه مع الطلبة أنه يبدأ بالمختصرات انتهاء إلى المطولات، ومن الكتب التي درسها: منهاج النووي بشرح الرملي، وشرح الشرقاوي على نظم متن التحرير، وكان رحمه الله محبا لإفادة الناس، حريصا على أن يتلقوا العلم الشرعين ولذلك استمر في بذل العلم حتى وفاته رحمه الله، فقد استمر بالتدريس قرابة الأربعين عاما، وله طلاب من كافة أنحاء العالم الإسلامي، خاصة وأنه كان يدرس في الحرم المكي، والذي يعج بالطلاب من كل فجّ وصوب.
طلابه:
ومن أبرز طلبة الشيخ ممن عرفوا بالعلم:
- الشيخ إسحاق عزوز.
- والشيخ عبد الفتاح راوه.
- والشيخ محمد علوي مالكي.
- والشيخ أمين عقيل عطاس.
- والشيخ إبراهيم النوري.
- ومدير المدرسة الرحمانية الشيخ عبدالله ابن الطاهر، وغيرهم كثير.
في عام 1364هـ أحيل الشيخ سالم شفي -نائب رئيس القضاء وعضو المحكمة الشرعية بمكة المكرمة- إلى التقاعد، فطُلب من الشيخ أنعم أن يحلّ مكانه إلا أنه رفض ذلك، وفي عام 1367هـ عاد رحمه الله إلى مكة المكرمة مدرسا في مدرسة الفلاح، وبقي يدرس فيها قرابة العشرين عاما حتى أحيل إلى التقاعد عام 1386هـ.
لم يؤلف الشيخ رحمه الله كتبا، وإنما له تعليقات وتقيدات وتقريرات على بعض كتب الشافعية واللغة العربية، وقد سئل عن سبب عدم تأليفه للكتب مع توفر الإمكانات والمراجع، فقال: لو أن طلبة العلم اليوم قرؤوا ما بين أيديهم وقاموا بتطبيق ما تعلموه لكفاهم.
إلا ان الشيخ رحمه الله كان قد شارك في اختيار ووضع المناهج التي كانت تدرس لطلبة مدارس الفلاح.
وفاته:
مع تقدم الشيخ في العمر ضعف ضعفا شديدا فنقل إلى إحدى مستشفيات جدة ثم دخل في غيبوبة، وبقي كذلك حتى توفي رحمه الله في الخامس من جمادى الأولى عام 1387هـ، وقد نقل إلى الحرم المكي فصلي عليه ثم دفن بمقبرة المعلاة بمكة المكرمة.
مصادر ترجمته:
1/ الجواهر الحسان في تراجم الفضلاء والأعيان من أساتذة وخلان. لزكريا بيلا. مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، دراسة وتحقيق: عبدالوهاب أبو سليمان، محمد بن إبراهيم. 1427هـ. ذكر فيه أنه تتلمذ عليه إبراهيم سليمان النوري وعبدالله بن الطاهر الساسي (1/ 408)
2/ المدرسون في المسجد الحرام من القرن الأول حتى العصر الحاضر لمنصور بن محمد بن عبدالله النقيب. معهد صفوت الصفوة للعلوم التطبيقية، الطبعة الأولى 1433هـ. (1/ 388-389)
3/ المصاعد الراوية إلى الأسانيد والكتب والمتون المرضية، جمع عبد الفتاح حسين راوه، الطبعة الأولى 1404هـ. (19)