النشأة وبداية طلب العلم:
ولدعام 1362هـ في محافظة الخرمة قرب مدينة الطائف وبها نشأ في صباه، وكان والده الشيخ سعد الحلّاف المشهور بــ(سعد المطوع ت1415هـ) هو خطيب الجامع الكبير فيها (جامع السوق القديم) سبعين عاما متواصلة تقريبا، وهو مفتي أهل بلدته وواعظهم ومن يعقد نكاحهم، وكان جده من جهة أمه الشيخ صالح المقبل هو خطيب الجامع قبله.
انتقل للدراسة في دار التوحيد بالطائف، وكانت وقتها مليئة بالعلماء والمدرسين المقتدرين فاستفاد منهم ونهل من علومهم، بل كان يرى أنه استفاد فيها أكثر من استفادته في كلية الشريعة، وكان يذكر موقفا طريفا في ذلك، وهو أن كلية الشريعة _لما كان أحد طلابها _ عقدت اجتماعا للتطوير أو شيئا من ذلك ورغبت سماع رأي أحد طلابها فتم اختياره وسئل عن رأيه في مستوى الدراسة في كلية الشريعة فقال: جمعنا علوما في دار التوحيد وأضعناها هنا، فصُدم الحاضرون بكلامه!
انتقل بعدها للدراسة في كلية الشريعة بمكة المكرمة وبها تخرج بامتياز، وواصل دراساته العليا فأخذ الماجستير وعنوان رسالته: (أثر الإكراه في الحدود والقصاص) ثم الدكتوراه بعنوان: (اختيارات ابن جرير الطبري في العبادات).
وكان خلال دراسته يحضر دروس العلماء في المسجد الحرام، مع اهتمام بالغ بالاطلاع على الكتب، وقد كوّن مكتبة كبيرة.
تولى الإمامة والخطابة من صغره في محلة الجميزة بمكة، ثم انتقل لأكبر مسجد في مكة في وقته (مسجد الأمير أحمد بالرصيفة).
برز في فقه الحنابلة، وفي الفرائض خصوصًا، وصار مرجعًا لأهل مكة في هذا الباب، ودرَّس الروض مرارًا، وكان يعيب على طلبة العلم عدم معرفتهم وعنايتهم بمصطلحات الحنابلة في كتبهم وأن كثيرا ممن يُدَرِّسُ كتبهم لا ينتبه لهذا الأمر.
وكان خلال تدريسه بكلية الشريعة بجامعة أم القرى تقلَّد رئاسة قسم القضاء لاثني عشر عاما وكثيرا من اللجان، ومنها لجنة التعاقد التي استمر بها فترة من الزمن، وكان يحدِّثنا فيه عن بعض الطرائف لمن يختبرهم!
تميَّز في علمه، وعُرف برجاحة عقله، حيث تقلّد رئاسة لجنة اختبار الأئمة والخطباء في وزارة الشؤون الإسلامية أزيد من خمسة عشر عامًا، وكانت لا تَرِدُ عليهم مشكلة لداعية أو خطيب إلا ويتم حلها وعلاجها دون الحاجة للفصل!
وقد تميَّز بحسن علاقته بمن حوله وكان محطَّ إعجاب مشايخه وزملائه ومجتمعه عامة، وقد رُشِّح لعمادة الكلية لكنه رفض، ثم ظهر صيته في وقته أكثر وطُلب للقضاء مرارًا فامتنع تورعًا!
وكان رحمه الله يكره الشهرة لأنه يرى أنك لا تستطيع أن تقول الحق في كل ما تراه، فالسلامة حينها هي الواجبة، ثم طُلب للتدريس في المسجد الحرام فاعتذر .
وقبل سنوات يسيرة طُلب كذلك أن يكون مفتيًا لمكة فردّ ابنه على من طلب هذا الأمر بقوله: خذ مني خبر والدي دون الرجوع إليه فأنا به أدرى: لن يقبل، فأصرّ على سماع رأيه فأخبر والده فنظر إليه نظرة استغراب؛ كأنه يقول له ألا تعرف رأيي ؟! فأجبته مسرعا قبل أن يتكلم: لقد قلت لهم أنك لا تريد ولن تقبل ، فسكت مقرًا لي.
كان يتحسَّر أسفًا على بعض الدعاة حين يتقحم مجال الفتيا أو على بعض طلبة العلم ممن لم يتمكن فيه حين يتصدر للفتيا أو التأليف!
وكان يترنم كثيرا بقول القائل: خذ من هاهنا وهاهنا وقل ألفته أنا!
قرأ كتابا في الفرائض لأحد طلابه، فأخذ قلم التصحيح وملأ الكتاب تصحيحًا وتصويبًا وتعجَّب منه كيف تسرع في إخراجه!
وفاته:
توفي عام 1438هـ في مكة المكرمة.
مصادر الترجمة:
- ابنه الدكتور: هشام بن عبدالعزيز الحلاف.