حفظ القرآن الكريم على يد والده، وأم بالمصلين ولم يبلغ الثانية عشرة من عمره، كما بدأ يتلقى بعض العلوم، فأخذ النحو والصرف من الشيخ حسين بن عبدالله أحد أعلام قريته، ثم سافر رحمه الله إلى مكة المكرمة مع والديه وإخوته وذلك عام 1330ه، فجاور بيت الله الحرام، وأخذ عن علمائه في المدارس النظامية، أو في الحرم المكي الشريف، وقد التحق عام 1331ه بالمدرسة الصولتية وقد كانت مشهورة بالعلم والعلماء، فأخذ عنهم، ودرس عليهم العلوم الشرعية، كما درس على علماء الحرم، وظل بالمدرسة الصولتية حتى عام 1333ه.
لم يكتف الشيخ بالعلم الذي أخذه عن والده وعلماء ومدرسي الصولتية والحرم المكي، بل عزم على إكمال مسيرته العلمية، والأخذ عن علماء الأمصار ممن لم يقابلهم في مكة المكرمة، فرحل إلى عدد من البلدان، وقابل علماءها، وتلقى عنهم العلوم الشرعية، وقرأ عليهم عددا من الكتب، كما أجازه من أجازه منهم، فقد رحل إلى إندونيسيا عام 1342ه وقابل هناك الكثير من العلماء وأخذ عنهم ثم رجع إلى مكة المكرمة، رحل بعدها إلى القدس، والشام، وبغداد، ومصر، وقابل علماءها، وأخذ عنهم، وحصل له بذلك علم كثير، وثقافة واسعة، وخبرة ومعرفة بثقافات تلك البلدان وعلومها.
درس الشيخ في مسيرته العلمية الحافلة ورحلاته المتعددة، على عدد كبير من العلماء، منهم الشيخ محمد علي بن حسين مفتي المالكية، والشيخ عبدالباقي بن ملا علي محمد الأنصاري محدث الحرم، والشيخ عمر حمدان المحرسي، والشيخ عباس بن عبدالعزيز المالكي، والشيخ عبدالقادر شلبي مدير المعارف في المدينة المنورة آنذاك، والشيخ عبدالستار الهندي، والشيخ إبراهيم الراوي البغدادي، ومنهم الشيخ محمد أحيد البوغوري، والشيخ عبدالقادر المنديلي، وعيسى رواس المكي، كما تتلمذ على الشيخة أمة الله بنت الشيخ عبدالغني الدهلوي، وقد أجازته، كما أجازه كثيرون غيرها منهم الشيخ محمد عبدالحي الكتاني، والشيخ حبيب الله الشنقيطي، والشيخ بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية، والشيخ إبراهيم الراوي البغدادي أجازه إجازة عامة، وغيرهم كثير جدا، واقتصرنا على ذكر أبرزهم.
أجري للشيخ اختبار من قبل مفتي الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة في عدد من العلوم الشرعية فاجتازه، فعين إثر ذلك ملازما بالمسجد الحرام وذلك عام 1341ه، ثم في عام 1347ه عين رحمه الله مدرسا رسميا بالمسجد الحرام، وكان من أوائل المدرسين الذين عينهم الملك عبدالعزيز رحمه الله، وقد كان ذلك بعد أن أخذ قدرا كافيا من العلم الشرعي، فدرس فيه بين باب القطبي وباب الزيادة، كما درس في منزله كعادة علماء مكة المكرمة، وكانت دروسه في الفقه الشافعي بعد صلاة الفجر، كان يقرأ فيه كتاب الإقناع شرح أبي شجاع، وله درس آخر في النحو، ويقرأ فيه من كتاب شرح ابن عقيل، وكان ذلك الدرس بعد صلاة الظهر، كما كان يدرس الآجرومية بعد العصر، ثم بعد ذلك صار يدرس غالب الفنون الشرعية، كالتوحيد والتفسير والحديث وغيرها، وقد تخرج على يديه كثير من الطلبة من شتى البلاد، ومن أبرز طلابه الشيخ المحدث محمد ياسين الفاداني، والشيخ عبدالوهاب أبو سليمان، والشيخ نصر الدين بيله، والشيخ عبد الحميد فطاني، والشيخ عبدالحميد بن يعقوب فطاني، وغيرهم كثير.
في عام 1355ه عين رحمه الله مدرسا بمدرسة دار العلوم الدينية في الأقسام العالية، ثم عين نائبا لرئيس إدارة مدرسة العلوم الدينية، ثم في عام 1357ه عين رحمه الله نائبا لرئيس الهيئة التي كانت تدير هذه المدرسة، بقي كذلك رحمه الله حتى عام 1368ه حيث عين فيه مدرسا بمدرسة دار الأيتام، وبقي فيها إلى عام 1371ه، ثم درس في مدرسة الرحمانية من عام 1371ه وحتى عام 1381ه، واستمر رحمه الله في السلك التعليمي حيث كان يدرس في المدرسة العزيزية من عام 1381ه وحتى عام 1383ه، إضافة إلى كل ذلك تم اختيار الشيخ عام 1372ه من قبل وزارة المعارف في لجان التصحيح والمراقبة والامتحان الشفوي في اختبار الشهادة الابتدائية، وذلك في عام 1372ه، كما شارك بعد ذلك في لجان الملاحظة في امتحان الشهادة التوجيهية عام 1379ه.
للشيخ رحمه الله إسهامات كبيرة في التعليم، وقدم له خدمات جليلة، وقد ساهم بتصحيح كتاب التجويد وأصول التلاوة بلغة الملايو، كما كان يجيب على الفتاوى والاستفسارات التي ترده من ماليزيا وإندونيسيا، ومعرفته بهذه اللغة ساعدته كثيرا على تبليغ العلم الشرعي، خاصة في مواسم رمضان والحج، حيث يكثر الطلاب عنده في دروسه في الحرم والبيت، وكان يجيب عن أسئلتهم واستفساراتهم، كما أنه رحمه الله أسهم في تأسيس مدرسة دار العلوم الدينية، وقد اختير عضوا بمجلس إدارتها، كما أسهم بتأسيس مدرسة البنات الابتدائية عام 1362ه، ثم في عام 1367ه أسس مدرسة الفتاة الأهلية.
كان رحمه الله ذا أدب جم، وخلق عالٍ، وخصال كريمة، وكان مثالا يحتذى به في التربية وحسن التعامل مع الطلاب، وكان يحب الناس فأحبوه.
توفي رحمه الله في الرابع عشر من شهر رجب عام 1399ه بمكة المكرمة، ودفن بالمعلاة.
مصادر ترجمته:
1/ أعلام المكيين لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1421هـ. (736-737)
2/ الدور التربوي لحلقات العلم بالمسجد الحرام في عهد الملك عبدالعزيز. لحسن بن محمد شعيب، 1428ه (157-159)
3/ بلوغ الأماني في التعريف بشيوخ وأسانيد مسند العصر محمد ياسين الفاداني لمحمد مختار الدين بن زين العابدين الفلمباني. دار قتيبة، الطبعة الأولى 1408ه. (31)
4/ مدرسة الفتاة الأهلية بمكة المكرمة وإسهاماتها التربوية من 1367ه إلى 1423ه، دراسة تارخية وصفية، وهي عبارة عن رسالة ماجستير في التربية الإسلامية بجامعة أم القرى من إعداد الطالب: حسام بن محمد حسين فلمبان . ترجم فيها للشيخ محمد حسين (41-69)
5/ الجواهر الحسان، في تراجم الفضلاء والأعيان، من أساتذة وخلان. لزكريا بيلا. مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، دراسة وتحقيق: عبدالوهاب أبو سليمان، محمد بن إبراهيم. 1427ه.(1/389-394).
5/ ترجمة أعدها ابنه الدكتور حسام محمد فلمبان – صفحات مشرقة
http://www.shinypages.net/home/cv/763
ترجمة خاصة لموقع علماء مكة أعدها إبراهيم محمد صديق