بدأ رحمه الله بتلقي العلوم الشرعية منذ صغره، وقد التحق بالمدرسة الفخرية فحفظ القرآن الكريم، وتخرج منها عام 1329ه، ثم التحق بالمدرسة الصولتية عام 1330ه، فدرس على علمائها الأجلاء، وأخذ عنهم، وكان متفوقا في دراسته، معروفا بالجد والاجتهاد، حريصا على طلب العلم، والاستفادة من العلماء، وقد نال جائزة التفوق في المدرسة مرتين، وبقي كذلك يطلب العلم بجد واجتهاد حتى تخرج منها بعد حصوله على الشهادة العالية عام 1334ه، كما أنه درس على علماء المسجد الحرام، وقرأ عليهم، ومن أبرز مشايخه الذين درس عندهم: والده الشيخ محمد نور بن عبدالغني، ومدير الصولتية في وقته الشيخ محمد سعيد رحمة الله، والشيخ عبدالرحمن دهان، والشيخ عبدالله الغازي، ومنهم الشيخ عبدالعليم بردواني، والشيخ عيسى رواس، والشيخ ملا محمد حسن الأفغاني، والشيخ أحمد ناضرين، والشيخ سالم شفي، وغيرهم كثير من علماء الصولتية، وعلماء المسجد الحرام.
بعد أن تخرج رحمه الله من الصولتية، ونال قدرا كبيرا من العلم، وقرأ العديد من الكتب التي أهلته للتدريس عين مدرسا بمدرسة الصولتية فدرس فيها من عام 1335ه، وبقي يدرس فيها -مع انقطاع في بعض الأوقات- حتى عام 1373ه، كما أنه أجيز له بالتدريس بالمسجد الحرام من عام 1338ه، وفي عام 1356ه في العهد السعودي عين عضوًا في أمانة العاصمة المقدسة، ثم في عام 1361ه عين عضوا في هيئة التمييز، كما أنه في عام 1364ه عين رحمه الله قاضيا في تبوك، ثم انتقل منها إلى الطائف وعمل ككاتب عدل عام 1366ه، وفي السنة التي تليها -أي عام 1367ه-عين رحمه الله رئيس الكتاب بالمحكمة الكبرى بمكة المكرمة، ثم عين مساعدا لشعبة التنظيم بأمانة العاصمة المقدسة عام 1368ه، وفي عام 1369ه عيّن رئيسا لشعبة الحقوق والأوقاف بعين زبيدة، ثم عين رحمه الله عضوا بمجلس الشورى في عام 1375ه وحتى عام 1388ه، إضافة إلى كل ذلك كان رحمه الله مأذونا شرعيا لأكثر من خمسين عاما، وإضافة إلى كل هذه الأعمال التي تولاها الشيخ شارك في اللجنة المؤلفة للإشراف على الانتخابات النهائية لأعضاء المجلس البلدي لمنطقة مكة المكرمة وذلك عام 1375ه، كما شارك مع اللجنة المؤلفة لتقدير قيمة الأملاك والأوقاف المنزوعة لمصلحة توسعة المسجد الحرام، وكذلك شارك رحمه الله مع اللجنة المؤلفة للتفتيش على معاملات بيوع الأراضي في كبرى البلديات، إضافة إلى مشاركته في اللجنة المؤلفة للتحقيق في العويض المقدر لدار المفتاح.
كانت دروس الشيخ رحمه الله في الحرم تعقد في حصوة باب العمرة، وفي رواق حصوة باب إبراهيم، كما أنه درس في آخر عمره في باب الملك عبدالعزيز، إضافة إلى تدريسه في مدرسة الصولتية، وكذلك دروسه التي كان يلقيها بمنزله بمسيال الهرساني، والشيخ كان فريدا في علم الفرائض فكان يدرسه، إضافة إلى تدريس علم الفلك، وأصول الفقه، وأصول الحديث، وله طلاب كثيرون من شتى البلاد، وخاصة من الحجاز، واليمن، وإندونيسيا، ومن طلابه من تولى مناصب عالية في مختلف أجهزة الدولة.
كان رحمه الله دمث الأخلاق، محبوبا من الناس، سريع البديهة، وكان يتفقد أحوال من حوله، كما عرف عنه اللين والتسامح، وكان شديد الاعتناء بطلابه، فقد كانت لديه مكتبة عظيمة، غنية بالكتب، وفيها مخطوطات نادرة، وخاصة الكتب الخاصة بتاريخ مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وكانت هذه المكتبة موضوعة في إحدى غرف منزله، فكان يفتحها لطلاب العلم ينهلون من معينها، وبعد وفاته رحمه الله أهديت هذه المكتبة إلى مكتبة مكة المكرمة، وتحتل الآن إحدى القاعات الرئيسية بها، كما أن داره كانت منتدى للعلماء وطلاب العلم في موسم الحج، فقد كان صدره رحبا يستقبل الناس وطلاب العلم، وكان يستقبل ضيوفه من الحجاج من الهند، وباكستان، وإندونيسيا، ومصر، وغيرها، وكانوا يأتون إليه لغرض الفتاوى والاستشارات الشرعية، كما أنه بعد توليه القضاء كان كثيرا ما يدعو المتخاصمين إلى بيتهم، ويتودد إليهم حتى تنتهي القضية بالصلح بين المتخاصمين.
توفي رحمه الله يوم الأحد العاشر من شهر رمضان عام 1390ه، ودفن بمقبرة المعلاة.
مصادر ترجمته:
1/ أعلام المكيين لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1421هـ. (1/557-558)
2/ الدور التربوي لحلقات العلم بالمسجد الحرام في عهد الملك عبدالعزيز. لحسن بن محمد شعيب، 1428ه (206-209)
3/ المكتبات الخاصة في مكة المكرمة لعبداللطيف عبدالله بن دهيش. مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة، الطبعة الأولى 1408ه. (30-31)
4/ مكتبة المكرمة، دراسة موجزة لموقعها وأدواتها ومجموعاتها لعبدالوهاب أبوسليمان. مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية، 1416ه. (35)
5/ الجواهر الحسان، في تراجم الفضلاء والأعيان، من أساتذة وخلان. لزكريا بيلا. مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، دراسة وتحقيق: عبدالوهاب أبو سليمان، محمد بن إبراهيم. 1427ه. (2/546-547)
6/ الحجاز
http://www.alhejaz.org/aalam/115301.htm#shisha
ترجمة خاصة لموقع علماء مكة أعدها إبراهيم محمد صديق