عُيِّن في أول حياته إماما لمسجد الإمام عبد الرحمن بن فيصل المشهور بمسجد الديوانية وذلك سنة 1323هـ، واستمر يصلي به إلى سنة 1337هـ ثم تركه، وذلك أن الملك عبد العزيز أمره بالذهاب إلى الهجرة المعروفة بالأرطاوية لتعليمهم العقيدة وأمور الدين، فذهب الشيخ وأقام بها سنة وبضعة أشهر، ثم طلبه الملك فرجع إلى الرياض وقد خلف بهذه الهجرة المذكورة أثرا طيبا وذكرا حميدا، حيث صار له بين الإخوان المقيمين بها طاعة وإجلال، فلقد أحبه الإخوان المقيمون بتلك الهجرة وودوا لو أقام بينهم مدة حياته، ولكن احتياج الملك للشيخ حال بينهم وبين تحقيق رغبتهم، فقد عيَّنه قاضيا للجيوش فباشر ذلك، وغزا مع الملك غزوات كثيرة، وحضر معه فتح مدينة حائل سنة 1340هـ.
ولما استولت جيوش الملك عبد العزيز على الطائف ومكة المكرمة سنة 1343هـ وسار جلالة الملك عبد العزيز من نجد إلى مكة صحب معه الشيخ عبد الله قاضيا لجيشه، فحضر معه الشيخ حصار جدة إلى أن تم تسليمها، فعينه جلالة الملك عبد العزيز إماما وخطيبا للمسجد الحرام، فشغل هذا المنصب واستمر فيه إلى أن صدر الأمر بتعيينه رئيسا للقضاة بالحجاز وذلك سنة 1346هـ، ثم أسند إليه الملك زيادة على ذلك الإشراف على الحرمين والمدرسين فيهما، وأسند إليه وظائف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وملاحظة المساجد والإشراف عليها، واختيار الأئمة وتعيينهم، وتوزيع الكتب المطبوعة.
وأسند إليه مع هذا مهمة اختيار الوعاظ والمرشدين وبعثهم إلى القرى والبوادي، لإرشادهم وتعليمهم واجبات الإسلام وأمور الدين، فقام _ رحمه الله تعالى _ بأعباء كل ما أسند إليه خير قيام.
وكان إلى جانب كل ما ذكرناه من الأعمال قائما بنشر العلم وتدريسه في الرياض ثم في مكة، فقد أقام حلقة درسه بالمسجد الحرام من سنة 1344هــ حتى وفاته، بما يقارب 34 سنة، وقد أخذ عنه العلم في نجد وفي الحجاز خلق لا يحصون، نذكر من فضلائهم في هذه الترجمة المقتضبة: أخاه الشيخ عمر ابن الشيخ حسن، والشيخ محمد بن عثمان الشاوي، والشيخ فالح الصغير، والشيخ عبد الرحمن بن داود، والشيخ عبد الرحمن بن عقلا، والشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري الملقب بأبي حبيب، والشيخ عبد العزيز بن سوداء, وعلي بن زيد، وإبراهيم بن حسين. هؤلاء قرأوا عليه العلم في نجد، وأخذ عنه العلم بالحجاز عدد كثير نذكر من فضلائهم: محمد عبد الظاهر أبا السمح إمام الحرم المكي، حيث قرأ عليه في التوحيد وأصول الدين والعقائد، والشيخ محمود شويل قرأ عليه في رد عثمان بن سعيد الدارمي، وسمع عليه في التوحيد والحديث والتفسير، وقرأ عليه الشيخ سليمان أباظة الأزهري فتح المجيد من أوله إلى آخره، وقرأ عليه علي بن محمد الهندي كتبا كثيرة منها: "مجموع الرسائل والمسائل النجدية" جمع ابن قاسم من أوله إلى آخره، وكان هذا المجموع أربع مجلدات كبار، أخذ المذكور في قراءتها على الشيخ نحو ثلاث سنوات، وقرأ عليه ابنه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله في الفقه والتوحيد وكتاب "تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد" للشيخ سليمان بن الشيخ عبدالله وكان الكتاب ذلك اليوم مخطوطا غير مطبوع، وقد طبع فيما بعد، وقرأ عليه ابنه الشيخ محمد القرآن الكريم وقواعد التجويد ومؤلفات شيخ الإسلام محمد عبد الوهاب, وقرأ عليه ابنه معالي الشيخ حسن وزير المعارف في ذلك الوقت مباديء العلوم وختم عليه القرآن الكريم عدة مرات. وبالجملة فقد كانت داره الرحيبة المطلة على الحرم الشريف والمعروفة بالداوودية عامرة بالقراءات، ينتابها رواد العلم وطلاب المعرفة يتزودون من العلوم والفنون.
وقد كان الشيخ _ رحمه الله _ من خيرة البقية الباقية من علماء دعوة التوحيد والدين وقورا مهيبا أمارا بالمعروف نهاءا عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان على سمت علماء السلف الصالح وهديهم بعيدا عن مفاتن الحياة والتهالك على الدنيا, مثابرا على أعمال البر والخير وواجبات العلم والدين، وقائما بكل ما وكل إليه من أمور المسلمين على الطريقة السوية والوجه الأكمل إلي أن توفاه الله في يوم السبت سابع رجب الساعة الثانية ليلا سنة 1378هـ عن واحد وتسعين عاما أمضاها في نشر العلم وبث الدعوة وخدمة الإسلام ونصرة الدين، وقد صلوا عليه بالمسجد الحرام، وحضر الصلاة عليه سعود بن عبد العزيز وشيعه إلى المقبرة، وخرج الناس والأعيان والرؤساء معه، فدفن بمقابر العدل بمكة المكرمة.
مؤلفاته:
1- العقيدة السلفية للفرقة الناجية المهدية. طبعه المؤلف في المطبعة السلفية عام1372هــ.
2- تحقيق كتاب شرح الطحاوية بالاشتراك. مطبوع.
3- تحقيق كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم بالاشتراك مع إبراهيم الشوري، مطبوع.
4- أشرف على تحقيق كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد.
مصادر الترجمة:
النعت الأكمل، لمحمد كمال الدين العامري(ص430)، علماء نجد خلال ستة قرون، لعبد الله البسام(1/82)، روضة الناظرين، لمحمد بن عثمان القاضي(2/19)، مشاهير علماء نجد، لعبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ(ص121)، أعلام المكيين، لعبد الله المعلمي(1/9)، من علماء الحرمين، لعطية محمد سالم(ص337)، المدرسون في المسجد الحرام، لمنصور النقيب(2/401)، وسام الكرم، ليوسف الصبحي(ص209)، تاريخ القضاء والقضاة في العهد السعودي، لعبد الله بن محمد الزهراني(1/103).