كان الشيخ رحمه الله محبا للعلم، وله سفرات كثيرة في طلب العلم من أهمها سفره إلى زنجبار، وقد مر خلال سفره بعدن واجتمع بعلمائها وعظمائها ثم بعد أشهر رجع إلى مكة المكرمة، ثم سافر إلى جاوا عام 1318هـ ومكث فيها سنة وخمسة أشهر ثم عاد إلى مكة.
في عام 1327هـ أسس رحمه الله فرعا لجمعية الاتحاد والترقي بمكة المكرمة؛ ولكن رأى أن أصحاب هذه الجمعية ينتهجون نهج التفرقة فابتعد عنها، وسافر إلى جاوا وأسس جمعية خيرية ومدرسة، وكان هذا دأبه رحمه الله في تأسيس المدارس إذ كان يؤمن إيمانا بالغا بأهمية التعليم، وأنه هو المخلّص والمنجي، وهو الذي يرفع الشباب من وحل الهزيمة النفسية إلى عزة الإسلام، فكان لا يدخر جهدا في تأسيس المدارس ودعمها إلا وبذله وسفراته الكثيرة لبناء المدارس تشهد له بذلك، وكان قد أنشأ أول مدرسة على الطراز الحديث بباب الزيادة سنة 1322 هـ، ثم أنشأ مدرسة في جاوا كما أسلفنا بعد أن أنشأ هذه المدرسة في جاوا عاد رحمه الله إلى مكة عام 1330هـ فنفاه الشريح حسين فحاول أن يجمع الشباب ويؤسس مدرسة هناك إلا أن الشريف حسين قد أقام مانعا بينه وبين مراده، فوجّه وجهه نحو الشام ثم إلى مصر واجتمع فيها بالعلامة الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر الشريف، ومنها إلى كلمبو سيلان، وأسس هناك المدرسة الإسلامية ثم ذهب إلى الهند وملايا وأسس فيها عددا من المدارس، ثم إلى جاوا وأسس بها عدة مدارس وتولى مشيخة الإسلام هناك مدة من الزمان، وكان هذا دأبه ما أن ينزل في بلدة أو منطقة إلا ويسارع في تأسيس مدرسة حفظا للشباب ولأوقاتهم ومساهمة في نشر العلم الشرعي، وفي عام 1336هـ سافر إلى الهند ثم العراق وفي عودته أتى البحرين وأسس مدرسة فيها، وهناك جمع أموالا بنى بها عمارة للتعليم بمكة المكرمة تخرج منها بحمد الله عدد من الشباب، ثم عاد إلى جاوا وأقام بها إلى عام 1341هـ، ثم توجه رحمه الله إلى سنغافورة وأصلح فيها مناهج الدراسة وأسس مدرسة آل جنيد ،كما أسس مدارس في كل من جمبي وفلمبان ولمفون وعمر عدة مساجد في هذه المناطق، ثم سافر إلى الحبشة وزار صنعاء، وأكرمه الأمير يحيى حميد الدين في صنعاء وكان موضع الإجلال والإكرام من علماء اليمن طيلة مدة إقامته، ثم عاد رحمه الله إلى مكة المكرمة وقابل الملك عبدالعزيز فطلب منه البقاء في مكة إلا أنه اعتذر وأقام بها سبعة أشهر ثم انطلق إلى مصر، وأدخل ابنه صادق إحدى مدارسها، ورغم كل السفرات التي قام بها والمدارس التي أسسها إلا أن نفس الشيخ رحمه الله لازالت متطلعة لمزيد من الإصلاح، ولازالت راغبة لإنشاء مدارس أخرى، فسافر إلى بوقس بأندونيسيا وأسس بها عدة مدارس، ثم عاد إلى قاروت فأقام بها ونشط في التعليم والتأليف والنشر، وكان يلقي دروسه في منزله، وقد كان رحمه الله قبل هذا كله إماما للمسجد الحرام، ورئيسا لعين زبيدة، ومفتشا لدوائر الحكومة بمكة، ومدرسا بالمسجد الحرام، إلا أن نفسه التواقة جعلته يسافر إلى كل هذه المناطق يدعو إلى الله ويؤسس المدارس وفق منهج إسلامي، وفي عام 1347هـ سافر إلى جاوا وأقام بها وكان يدرس فيها ودروسه رحمه الله ممزوجة بالعلم الشرعي والطبيعي، وكثيرا ما يستدل بالعلم الطبيعي للاحتجاج به على الملاحدة، وكان نشيطا في تدريسه ونشره للعلم حتى توفي رحمه الله في العاشر من شهر صفر عام 1363هـ بأرض جاوا بببلدة قاروت تحديدا.
والشيخ رحمه الله مع كل الأعمال الجليلة اتي قام بها ترك إرثا علميا من مؤلفات عدة منها :
1/ إرشاد الغافل لما في طريقة التيجانية من الباطل.
2/ فتوى في إبطال طريقة وحدة الوجود.
3/ خلاصة الترياق للخلاص من سموم الشقاق.
4/ مفتاح القراءة والكتابة ودليله.
5/ إرشاد ذوي الأحلام إلى واجبات القضاة والحكام.
6/ زبدة السيرة النبوية .
مصادر الترجمة:
1/ الأعلام للزركلي دار العلم للملايين الطبعة الخامسة عشر 2002م (4/93)
2/ أعلام المكيين لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1421هـ. (1/425-426)
3/ تاريخ أمة في سير أئمة لصالح بن عبد الله بن محمد بن حميد، مركز تاريخ مكة المكرمة، 1433هـ. (1167)
4/ تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع لمحمد سعيد الشافعي، الطبعة الثانية 1434هـ (637-639)
5/ سير وتراجم لعمر عبدالجبار، دار تهامة، الطبعة الثالثة 1403هـ (208-211)
6/ المختصر من كتاب نشر النور والزهر لعبدالله مرداد أبو الخير، اختصار محمد العامودي وأحمد علي، عالم المعرفة، الطبعة الثانية 1406هـ (294)
7/ نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر وبذيله عقد الجوهر في علماء الربع الأول من القرن الخامس عشر ليوسف المرعشلي، دار المعرفة، الطبعة الأولى 1427هـ . (589)
• إبراهيم محمد