نشأته وبداية طلب العلم:
تربى الشيخ في قريته غربامي، وهو مكان معروف الآن في منطقة غاو بأفريقيا في كنف والديه وألحقوه بالكتَّاب لتعلم القرآن والقراءة والكتابة إلى أن بلغ سن التمييز، وبدأ في تلقي العلوم الشرعية على مشايخ منطقته، حيث درس الفقه، واللغة، وحفظ بعض الأبيات، ودرس بعض العلوم الأخرى، وكل ذلك في جوّ مشحون بالحروب الأهلية والاستعمار الفرنسي، ولم تثنه تلك الظروف العصيبة من طلب العلم، والاجتهاد فيه، والحرص عليه.
قدومه مكة ومشايخه فيها:
بعد أن تلقى الشيخ مبادئ العلوم عزم على الحج، فخرج في رحلة شاقة امتدت إلى بضع سنين، سافر فيها مشيا بالأقدام مارّا بعدة دول، وكان ومن معه إذا نفد طعامهم وزادهم جلسوا يعملون حتى يكسبوا ما يوصلهم إلى البلدة الأخرى، وقد مرّ الشيخ من قريته غربامي متوجها إلى نيجر ثم إلى نيجيريا ثم الكاميرون ثم إلى بحيرة فولاني في تشاد ثم السودان، وفي السودان التقى بالشيخ حامد حسين توري فجلس عنده فترة من الوقت، ثم صحبه إلى مكة المكرمة.
درس المترجم له على عدد من المشايخ من أبرزهم:
- الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة.
- وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز.
- كما لازم الشيخ عبدالرحمن الافريقي، وغيرهم من علماء الحرمين.
وكان معروفا بالجد والاجتهاد، لا يضيع شيئا من وقته بلا فائدة، فإما يدرس أو يراجع كتبه، أو يأمر بالمعروف، أو ينهى عن المنكر، وكان دائم الصيام، قائم الليل، محافظا على السنن، وكان رجلا مباركا زاهدا متورعا في مطعمه، سخيا جوادا، وكان حسن الخلق.
دروسه:
عينه الشيخ عبدالله بن عقيل رحمه الله إماما وخطيبا في مسجد الطنضباوي في مكة المكرمة، كما عينه في نفس الوقت في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان الشيخ عبدالله بن عقيل يحبه كثيرا لما رأى فيه من الصلاح والنفع للعباد وحبه لأهل الخير والفضل واحترامه لهم.
كان الشيخ رحمه الله يدرس في مسجده كل يوم من الساعة الثامنة صباحا باللغة العربية، وبعد العصر إلى العشاء يدرِّس الطلاب الذين لا يعرفون العربية بلغتهم. وقد درّس كتبا كثيرة منها تفسير ابن كثير، والكتب الستة، والموطأ، ونيل الأوطار، وبلوغ المرام، وفتح المجيد، ورياض الصالحين. وقد كان الشيخ على المذهب المالكي، لأنه قرأ كتبه وتفقه فيها قبل أن يأتي مكة، ولما أتى وقرأ كتب المذاهب ورأى الخلافات أصبح يقول: أنا على مذهب المحمدية، ولا يخص نفسه بمذهب واحد. كما أنه كان على المذهب الصوفي إلا أنه بعد أن لقي الشيخ عبدالرحمن الافريقي ولازمه ترك التصوف، وبدأ يدرس العقيدة السلفية الصحيحة، وكان رحمه الله مكرما للطلبة، محسنا إليهم، لطيفا معهم، كما كان الناس يحبونه ويقدرونه، ويجتمعون حوله، وقد تتلمذ على يديه طلاب كثر، خاصة من أفريقيا حيت يأتون للحج فيدرسون عنده، وقد استفادوا ثم أفادوا، حيث إن الكثير منهم يرجع إلى بلاده حاملا هذ العلم الشريف فينشره بين الناس، وقد ينشئ المدارس لذلك، ومما زاد إقبال الطلاب عليه هو أنه كان يدرسهم بلغتهم، وكان يجمع بين تدريس العلم وتعليم الأدب والصبر وعدم الخوف في الله لومة لائم ونبذ البدع والخرافات، ومن أبرز طلابه أبو بكر إسماعيل ميغا، ولطلابه في أفريقيا أثر كبير، ومنهم دعاة كثيرون أسلم على أيديهم خلق كثير، وقد فتحوا المدارس والمساجد في القرى والمدن، وفتحوا الجوامع في مالي ونيجر وغانا وبركينافاسو وبنين وساحل العاج.
وفاته:
مرض الشيخ رحمه الله مرضا شديدا منعه من كل شئ، ثم نقله الطلاب الى مستشفى أجياد ثم إلى الطائف بمستشفى السداد، ثم نقل أخيرا إلى مستشفى الملك فيصل، وكان الأمير فهد بن سعد بن عبدالرحمن آل سعود يزور الشيخ في المستشفى ويقبل رأسه ويسأل عن حاجته ويوصي الأطباء به، فمكث الشيخ في المستشفى مدة، حتى وافاه الأجل عام 1388هـ، فنقل إلى مكة وصلي عليه في الحرم بعد العشاء، ودفن في مقبرة العدل.
مؤلفاته:
للشيخ مؤلفات عديدة تركها بعد موته، من أهمها:
1/ السيف المسلول لاستقامة دين الاسلام بالكتاب والسنة وما وافقهما من أقوال العلماء الذين لهم قدم صدق في الدين ، فرغ منها عام 1382 هـ ، وطبع 1385 هـ -1963 م .
2/ السيف القاطع للنزاع, فرغ منها عام 1378هـ, وطبع أكثر من مرة, وطبعت مؤخرا في دار الصميعي للنشر والتوزيع تصحيح وتعليق فضيلة الشيخ إسماعيل محمد الأنصاري.
3/ التوحيد على طريقة السؤال والجواب, فرغ منها عام 1375هـ, وطبع على نفقة بعض المحسنين بأمر من سماحة الشيخ ابن باز عام 1403هـ .
4/ الرسائل الدينية: فرغ منها عام 1384 هـ : وطبع عام 1385 هـ بمطبعة المدني .
مصادر ترجمته:
1/ إتحاف ذوي البصائر بتراجم العلماء الأفارقة الأكابر، لأبي البراء حمزو بن حامد بشير.
2/ موقع صفحات مشرقة وفيها إضافات من ابنه عمر بن محمد المرزوقي
http://www.shinypages.net/home/cv/1003