نشأته وبداية طلب العلم:
هو سليمان بن عبدالعزيز بن إبراهيم بن عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد بن عثمان بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن إسماعيل السحيمي وجده عثمان هو من سمي بالسحيمي فكان هذا اللقب لأبنائه من بعده، وجده عبدالله قدم من أشيقر إلى عنيزة فاستوطنها فولد فيها المترجم له عام 1296هـ .
ولد رحمه الله في عنيزة، وتربى على يد والده، وكان صالحا زاهدا متنسكا ملازما للمسجد، مكثرا من الاعتكاف، يقول محمد بن عثمان بن صالح في روضة الناظرين: " كان من أعمدة مسجدنا لا يخرج من المسجد إلا لحاجة، ويعتكف فيه، ويكثر من التلاوة والتنفل والذكر وله حزب من الليل) ( ) فرباه والده أحسن تربية، وأنشأه أفضل نشأة، وغرس فيه الخصال الحميدة، والأخلاق الكريمة، فنشأ نشأة صالحة منذ الصغر، وكان لهذه النشأة أثر بالغ في تكوين شخصيته فيما بعد، كما أن له أثرا بالغا في حبه للعلم وأهله.
مشايخه:
بدأ رحمه الله بقراءة القرآن الكريم على الشيخ سليمان بن دامغ، ثم بدأ بتلقي العلم الشرعي من علماء بلدته، فقرأ على الشيخ علي بن محمد السناني وقد لازمه سنين طويلة، وعلى الشيخ إبراهيم بن حمد الجاسر، والشيخ عبدالله بن محمد مانع، والشيخ صالح بن عثمان القاضي حين حضر إلى عنيزة من الحجاز ليتولى مهام منصبه في القضاء، وقد قرأ عليه ولازمه سنين كثيرة، وقرأ على غيرهم من العلماء، وكان المترجم له ذكيا نبيها، آية في الحديث ورجاله، ومتوسعا في الفقه، كما كان معروفا رحمه الله بقوة الحفظ، وسرعة الفهم، يقول عبدالله آل بسام في علماء نجد خلال ثمانية قرون: " حدثني الشيخ عبدالله بن جاسر رئيس محكمة التمييز بمكة أن الشيخ العلامة محمد بن عبدالرزاق حمزة كان يعجب من كثرة حفظ المترجم له لرجال الحديث وآبائهم وأمهاتهم وأولادهم"( ) كما تتلمذ على الشيخ محمد أمين الشنقيطي في العربية والتفسير وكان عبدالمحسن الخريدلي يستنيبه على إمامة مسجده، وكان يصدع بالحق لا يخاف في الله لومة لائم.
تدريسه بالمسجد الحرام:
سافر رحمه الله لطلب العلم إلى حائل عدة مرات وأخذ فيها عن الشيخ صالح السالم، وعلى قاضيها الشيخ يعقوب بن محمد بن سعد، كما قرأ على عيسى بن مهوس، وقرأ كذلك في بريدة على الشيخ عبدالله بن محمد فدا، والشيخ عبدالله بن محمد بن سليم، ثم رحل إلى مكة المكرمة وجاورها وقرأ على علمائها.
بعد أن أخذ الشيخ حظا وافرا من العلم، وصار له الباع الطويل فيه، بدأ بالتدريس في مسجد المسوكف بعنيزة، وكان يحضر له طلاب كثيرون، ومن أبرزهم الشيخ حمد إبراهيم القاضي، والشيخ عبدالرحمن المحمد المانع، والشيخ عبدالرحمن عبدالله المانع، كما أنه بعد أن قدم مكة وقرأ على علمائها بدأ بالتدريس في المسجد الحرام، وفي عام 1347هـ تولى القضاء في الوجه، ثم نقل إلى أملج عام 1348هـ، ثم نقل منها إلى القنفذة عام 1351ه، ثم طلب الإعفاء من عمله فأعفي وعاد إلى مكة المكرمة ليستأنف دروسه في المسجد الحرام، وبقي كذلك حتى توفي رحمه الله.
كان الشيخ سليمان على جانب كبير من الزهد والورع، وخشونة العيش والملبس، ولين الجانب، ومجالسة الفقراء، ومحبة العلماء، كما كان أمارا بالمعروف، نهّاء عن المنكر، وكان لا يجلس مجلسا إلا افتتحه بالوعظ والإرشاد، وقد كان لمواعظه وقع في القلوب لأنه ماكان يقول قولا إلا وهو ممتثل به، وقد تجرد في آخر حياته للعبادة، والتلاوة، والإفتاء، والتدريس في المسجد الحرام.
وفاته:
توفي بشعبان في مكة المكرمة عام 1357ه ، ودفن بمقبرة العدل.
مصادر ترجمته:
1/ أعلام المكيين لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1421هـ. (496)
2/ روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين لمحمد بن عثمان بن صالح بن عثمان. مطبعة الحلبي، الطبعة الأولى 1400هـ. (1/ 192-131)
3/ علماء نجد خلال ثمانية قرون لعبدالله بن عبدالرحمن البسام، دار العاصمة، الطبعة الثانية 1419هـ. (2/ 320-325)
4/ المدرسون في المسجد الحرام من القرن الأول حتى العصر الحاضر لمصور بن محمد بن عبدالله النقيب. معهد صفوت الصفوة للعلوم التطبيقية، الطبعة الأولى 1433هـ. (2/ 24-25)