نشأته وبداية طلب العلم:
هو أحمد بن عبد الله بن حسين ناضرين الشافعي، الحضرمي الأصل، المكي، ولد بمكة المكرمة بشعب عامر، يوم الجمعة في شهر شعبان عام 1300هـ، تربى الشيخ تربية حسنة، وبدأ بتلقي العلم الشرعي منذ الصغر، وقد بدأ بحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ يوسف أبي حجر والشيخ محمد عريف، كما بدأ في ذلك الوقت بتعلم الخط على يد الشيخ محمد الفارسي، ثم التحق رحمه الله بالمدرسة الصولتية وتخرج فيها، وأخذ عن علماء المسجد الحرام والقادمين إليه، وكان معروفا بالجد والاجتهاد، كما كان نشيطا في طلب العلم، حريصا على جمعه، وقد عرف بين زملائه بالتواضع، وحسن الخلق، فأحبه زملاءه، وكان له قبول بين الناس بفضل الله، ثم بعد أن تخرج من الصولتية، وأخذ عن علمائها الأجلاء، وتضلع في العلوم الشرعية على أيديهم، بدأ الدراسة في المسجد الحرام، وأخذ عن كثير من علمائه أو القادمين إليه.
مشايخه:
ومن أبرز مشايخه:
- الشيخ أحمد بن أبي بكر شطا.
- والشيخ أبو بكر بن محمد سعيد بابصيل.
- والشيخ أسعد دهان.
- والشيخ بكري عجيمي.
- والشيخ أحمد بن حسن العطاس.
- والشيخ حسين بن محمد الحبشي.
- والشيخ عيدروس بن سالم البار.
- وبهاء الدين الأفغاني.
- و زين بن عبد الله العطاس.
- وخليفة النبهاني.
- ومحمد سعيد بابصيل.
- وعبد الرحمن دهان.
- وصالح بافضل.
- وصلاح الدين قازاني.
- وعلي بن محمد سعيد بابصيل.
- وعبد الحق الإله آبادي.
- وعبد الله زبير.
- وعبده الجرولي.
- وعلوي بن عبد الرحمن مشهور.
- ومحمد علي مالكي.
- وعمر بن أبي بكر باجنيد، وغيرهم من العلماء الأجلاء رحمهم الله.
بعد أن أخذ رحمه الله حظا وافرا من العلم، بدأ في التدريس تطوعا، وهذا أثر كثيرا في تكوين شخصيته العلمية، حيث إن تدريسه كان في وقت مبكر في عام 1320هـ، وقد درّس بالمدرسة الخيرية لمحمد حسين الخياط تطوعا من هذا العام ولمدة سبع سنوات، ثم حين تخرج من الصولتية عين معاون مدرس فيها، ثم مدرسا، ودرس فيها من عام 1329هـ وحتى عام 1332هـ، في هذا العام انتقل للتدريس بمدرسة الفلاح، وقد درس فيها مدة طويلة جدا مع انقطاع، فقد بدأ يدرس فيها من عام 1332هـ حتى عام 1349هـ، ثم عاد للتدريس فيها عام 1361هـ، وقد تولى التفتيش على المدرسين بالحرم المكي في عهد الشريف حسين بن علي، ثم عين رحمه الله قاضيا بالمحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة وذلك عام 1344هـ، ثم عين بعد ذلك نائب قاض في جدة، كما اختير مدرسا بمدرسة المطوفين في المسجد الحرام عام 1347هـ.
تدريسه بالمسجد الحرام:
أجيز للشيخ التدريس بالمسجد الحرام من عام 1330هـ، بعد أن عرف عنه الحرص على العلم، والنبوغ فيه، وتقدير العلم وأهله، فبدأ يدرس من هذا العام حتى وفاته رحمه الله، وكان يعقد حلقته في الحصوة التي أمام باب المحكمة، وفي رواق باب السلام، وفي حصوة باب الزيادة، وكذلك في رواق باب المحكمة، درس في كل ذلك عددا من العلوم الشرعية، منها الفقه الشافعي والتفسير والحديث، وكان رحمه الله متضلعا في الشعر والأدب، كما كان له علم بالمنطق والفلسفة.
كان للشيخ طريقة فريدة في التدريس، ولذلك كان يجتمع عنده طلاب كثيرون، خاصة وأنه ملم بعلوم الآلة، ومتضلع بالأدب، وله مساجلات كثيرة في الشعر فكان يمزج بين ذلك كله في التدريس، فلا يمل الطلاب، كما أنه كان يسهل العبارات، ويبسطها حتى يفهمها عامة الطلاب، وكان يحب فك العبارات وأن لا يمر الطالب على عبارات العلماء دون أن يفهمها، كما كان يوصي طلابه دائما بالعمل وأنه غاية العلم، ويأمرهم بعدم كتمان العلم، كما كان صدره واسعا ويتلقى الأسئلة المختلفة ويجيب عليها، يقول عمر عبد الجبار"كان يقول لطلابه: ليست الغاية من العلم أن تتعلم فحسب بل الغاية أن تعمل بما تعلم من الخير وأن تكون قدوة لغيرك في الخير ولا تتعلم العلم لتكتمه أو تفخر به بل لتنتفع وتنفع غيرك به"، ولأجل ذلك استفاد منه الطلاب فائدة كبيرة، وكان يدرب طلابه على الأخلاق الحسنة، ومن حكمه البالغة في تصفية طلبة العلم من الكبر أنه كان يقول في بعض الأحيان: "هذه مسألة ما فهتمها اسألوا فيها غيري" فأحبه الطلاب حبا كبيرا، وكان لطلابه معلما ومرشدا، كما كان يربيهم على الزهد، ويريهم ذلك بعمله وهيئته، كما كان لا يعنف أحدا ولا يجهل على أحد، ويداوي الجاهل الفظ بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أنه إضافة إلى تدريسه بالمسجد الحرام فتح بيته للعلم والعلماء وكان في سوق الليل بمكة فكان يعج بالعلماء خاصة في المواسم.
من مواقفه في القضاء:
عرف الشيخ بالمثابرة والنشاط في دراسته وحتى في وظائفه التي عمل فيها، كما كان مثالا في التواضع وتلقي الناس بصدر رحب، وكان يحرص على أداء العمل على أكمل وجه، مبتغيا بذلك وجه الله، ولا يخاف في الله لومة لائم، ولايقدم على الحق أحدا كائنا من كان، وله مواقف عديدة في القضاء، من أشهرها ما ذكره عمر عبدالجبار قال: "كان الشيخ عثمان سفر مغترباً في عهد الحسين، فلما دخل الحجاز تحت حكم الملك عبد العزيز عاد إلى مكة، وكانت له أوقاف بمكة استولت عليها ابنة عمه طيلة غيابه وتصرفت في ريعها تصرف المالك، فتقدم بالشكوى إلى قاضي المحكمة الشيخ أحمد ناضرين رحمه الله، فسجل إقراره ثم طلب ابنة عمه فأقرت بتصرفها في الوقف طيلة غياب الشيخ عثمان سفر، ووقعت على إقرارها، وصادف أن جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله أصدر منشوراً بنصرة المظلوم، فلجأت إلى جلالته، وادعت أنها مظلومة، فأمرها بمراجعة القاضي وتخبره بأن جلالة الملك وكيلها!! فأسرعت إلى المحكمة وأشعرت الشيخ أحمد ناضرين بأن وكليها جلالة الملك عبد العزيز فسجل إقرارها، وأمرها بحضور وكيلها يوم الجلسة التي حددها، فأسرعت إلى جلالة الملك وأبلغته أمر القاضي، ولما كان جلالته حامياً للدين ومنفذاً لأحكام شريعته حضر إلى المحكمة بنفسه مع الشيخ عبد الله بن بليهد، فأمر القاضي مسجل الضبط بقراءة الدعوى، ثم حكم القاضي على المرأة بدفع جميع ما تسلمته من ريع الوقف لـعثمان سفر وتسليمه الوقف، فنظر جلالة الملك إلى الشيخ عبد الله بن بليهد فقال له: هذا هو الشرع، وبعد التنفيذ وقف الشيخ أحمد ناضرين لجلالة الملك وسلم عليه وقال له إنني ابن بائع لقيمات! ولم أصل إلى هذا المنصب إلا بفضل الله ثم بالعلم والتمسك بأهدافه القيمة، إنني منفذ لحدود الله، وأوامر جلالتكم لحماية المظلوم، وهذا لون من ألوان الظلم التي ارتكبته المرأة بظلم ابن عمها في الوقف، وإني لم أتصلب في القضية إلا دفاعاً عن الحق ونصرة المظلوم" ثم قدم استقالته وأصر على ترك العمل رغم تمسك رئيس القضاة به وإلحاحه بسحب استقالته والعودة إلى تطبيق أحكام الله وسنة نبيه بين العباد.
للشيخ عدة رحلات للعلاج وللتعليم والدعوة إلى الله، فقد سافر إلى الهند، والسودان، ومصر، وبلاد جاوا، وسنغافورة.
وفاته:
انتقل إلى جوار ربه يوم الجمعة الثالث من شهر صفر عام 1370هـ.
مصادر ترجمته:
1/ بلوغ الأماني في التعريف بشيوخ وأسانيد مسند العصر محمد ياسين الفاداني لمحمد مختار الدين بن زين العابدين الفلمباني. دار قتيبة، الطبعة الأولى 1408هـ. (65)
2/ تشنيف الأسماع بشيوخ الإجازة والسماع. لمحمد سعيد بن محمد ممدوح، الطبعة الثانية، بيروت 1434هـ. (1/ 191-193)
3/ الدور التربوي لحلقات العلم بالمسجد الحرام في عهد الملك عبدالعزيز. لحسن بن محمد شعيب، 1428هـ (137-139)
4/ سير وتراجم لعمر عبدالجبار، دار تهامة، الطبعة الثالثة 1403هـ (47-50)
5/ موسوعة أعلام القرن الرابع عشر والخامس عشر الهجري في العالم العربي والإسلامي من 1301-1417هـ لإبراهيم بن عبدالله الحازمي. دار الشريف للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى 1419هـ. (497-498)
6/ نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر وبذيله عقد الجوهر في علماء الربع الأول من القرن الخامس عشر ليوسف المرعشلي، دار المعرفة، الطبعة الأولى 1427هـ . (133-134).
7/ موقع الروحة
http://fadaaq.net/main/index.php?sec=subjects&cat_id=35&id=39
8/ الحجاز
http://www.alhejaz.org/aalam/1115401.htm
9/ الجواهر الحسان، في تراجم الفضلاء والأعيان، من أساتذة وخلان. لزكريا بيلا. مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، دراسة وتحقيق: عبدالوهاب أبو سليمان، محمد بن إبراهيم. 1427هـ. (1/ 320-321)
10/ المدرسون في المسجد الحرام من القرن الأول حتى العصر الحاضر لمصور بن محمد بن عبدالله النقيب. معهد صفوت الصفوة للعلوم التطبيقية، الطبعة الأولى 1433هـ. (1/ 191-193)
11/ أهل الحجاز بعبقهم التاريخي لحسن عبدالحي قزاز. طبعت بمطابع مؤسسة المدينة للصحافة (دار العلم) بجدة، الطبعة الأولى 141.