تربى الشيخ رحمه الله محبا للعلم ودرس على والده جملة من العلوم والفنون، ثم درس على العلماء الربانيين في حلقات التدريس بالمسجد الحرام، وكان من مشايخه الذين درس عليهم وأخذ عنهم: الشيخ سعيد يماني، والشيخ عمر بن أبي بكر باجنيد، وقد تعمق في العلوم الإسلامية، وأخذ عنهم الكثير، وأخذ الأدب مطالعة حتى وصل إلى مرحلة يمكنه فيها من الكتابة للإسلام والدفاع عنه، فما كان يترك وسيلة إلا ويستخدمها ولا بابا إلا ويطرقه، وكان مهموما بالنصيحة لأمته والشفقة عليها من الغزو الفكري من قبل أعدائها، وكان يحرص كل الحرص على إرجاع الناس إلى الكتاب والسنة وماكان عليه السلف الصالح، فترك لنا مؤلفات كثيرة نافعة، كما كان رحمه الله شاعرا متمكنا عذب الأسلوب، وظّف شعره في نشر الإسلام، وأول شعر نظمه كان عن مناجاة الله وأذاعه من محطة الإذاعة المصرية.
سافر إلى مصر في أواخر عهد الحسين، واشتغل بالصحافة خلال الفترة التي أقام فيها وكان ينشر في الأهرام والوطن، وفي ذلك الوقت كان كثير الزيارة للأزهر الشريف والاستفادة من علمائه، ثم رجع إلى مكة المكرمة بعد أن عفا الملك سعود عن كل من كان ضد الحكم السعودي – وقد كان منهم في بداية أمره - إلا أنه حين قدم مكة رأى ما أصلحه الحكم السعودي، وما قدمه من خدمة للإسلام والمسلمين فقرت عينه، وبعد رجوعه عُيّن رحمه الله عضوا بمجلس الشورى إلا أن وظيفته لم تكن لتمنعه من التدريس بالمسجد الحرام، وإلقاء المحاضرات الدينية فيه، وكذلك إلقاء المحاضرات الاجتماعية بجمعية الإسعاف، وكان ينشر في الصحف المعروفة المقالات الكثيرة في محاربة البدع، وذم التقاليد السيئة، والدعوة إلى الرجوع إلى الله وإلى المعين الصافي: الكتاب والسنة.
عين بعد ذلك وزيرا مفوضا لجلالة الملك في باكستان، فأدى مهمته خير أداء إلى أن ارتقى التمثيل بين المملكة العربية السعودية وباكستان إلى سفارة فعينه الملك سفيرا للبلاد، وبقي في هذه الوظيفة حتى أصيب بمرض وتقاعد، ومع عمله هذا كُلّف رحمه الله بعدة أعمال أخرى منها: تمثيل وفد جلالة الملك في حفل تسليم السلطة في إندونيسيا من هولندا وذلك عند استقلالها، وكان رحمه الله مع هذا كثير التأليف والكتابة، لم يتوان يوما عن تقديم ما يشعر أنه مفيد للإسلام والمسلمين، وبقي سفيرا في باكستان حتى أصيب بمرض في القلب وأشار عليه الأطباء بالتقاعد والراحة فأعطي التقاعد عام 1374هـ، فأقام بدمشق إلى أن توفي يوم الثلاثاء الثامن عشر من شهر ربيع الأول عام 1381هـ تغمده الله بواسع رحمته.
وترك الشيخ بعد وفاته إرثا علميا كبيرا، فقد كان كثير الكتابة في الأمور التي تشغل باله من محاربة البدع ونبذ التقاليد الخاطئة، ومن كتبه :
1- جواهر الدين:
بيّن فيه حقيقة العبادة، والتحذير من الشرك، ونواقض التوحيد، ومعنى الوسيلة وأنواعها، كما حذر من التبرك بالأشجار والأحجار والتمائم، وبيّن حقيقة الإسلام، ومحبة الله ورسوله، وأركان الإسلام وهو مطبوع بمطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر عام1370 هـ.
2- أسمى الرسالات:
قسمه إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول منه: عبارة عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وبعوثه وسراياه وغزواته، وكتبه وأخلاقه وشمائله ومرضه ووفاته.
أما القسم الثاني: فقد جعله لمسائل الإيمان والإسلام وبيان أركانهما وما يتعلق بهما من صفات الله –عز وجل- والإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة، والإيمان بالقضاء والقدر.
أما القسم الثالث: فقد جعله لقضايا متفرقة حول الإسلام ونظامه.
وهو مطبوع في دار الكتاب العربي عام 1370 هـ.
3- هل الله مستبد:
عرض فيه لمسألة القضاء والقدر ومراتبه، والفرق المخالفة في هذه المسألة، ثم ردّ على شبههم التي يحتجون بها.
وهو مطبوع في دار الكتاب العربي بمصر عام 1374 هـ.
4- تفسير الخطيب المكي:
حيث قام بتفسير القرآن بأسلوب سهل ميسر موجز، أبان فيه معاني الآيات ودلالاتها ولم يتعرّض لتأويل الألفاظ أو المعاني، وألمح فيه إلى القراءات الواردة في بعض الآيات.
وهو مطبوع في مطبعة الترقي عام (1378 هـ) في عدة أجزاء.
5- سيرة سيد ولد آدم:
وهو عبارة عن نظم للسيرة النبوية في نحو (2300) بيت وهو عبارة عن القسم الأخير من تائية الخطيب.
وهو مطبوع بالمطبعة السلفية عام (1362 هـ).
6- نهج البُردة:
وهو عبارة عن نظم في محبة الله ورسوله عارض فيها البوصيري في بردته، فذكر فيها مذهب أهل السنة والجماعة في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم .
7- مناجاة الله: وهو جزء من تائية الخطيب المشهورة، ذكر فيها بعض قضايا العقيدة من توحيد الأسماء والصفات، واليوم الآخر وما يتعلق به، وهي مطبوعة.
8- تائية الخطيب:
وهي منظومة في سبب تأخر المسلمين، وحكمة التشريع الإسلامي، ومبادئ الإسلام وغاياته، وتقع في خمسة آلاف بيت.
9- همزية الخطيب:
وهي منظومة في محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهي مطبوعة تقع في خمسة وخمسين ومائة بيت.
10- الاستغاثة الكبرى:
وهي عبارة عن منظومة تقع في نحو سبعمائة بيت في الدعوة إلى الرجوع إلى الله –سبحانه وتعالى- والالتزام بهذا الدين، وهي مطبوعة.
11- الإمام العادل: الإمام الملك العادل
وهو تاريخ شامل لحياة الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله منذ طفولته إلى وفاته، يقع في جزأين، وهو مطبوع في مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده.
12/ مستقبلك، وهو ثلاثة أجزاء:
متى عرفت ربك؟ ومتى وثقت بقدرتك؟ ومتى فهمت حقيقة نفسك؟
13/ جو الدين، في بيان حقيقة الإسلام، وقصيدة إلى عموم المسلمين. (ترجمت إلى الأردية والإنجليزية).
مصادر ترجمته:
1/ أعلام الأدب والفن لأدهم آل جندي، مطبعة الاتحاد 1958م (2/508-509)
2/ الأعلام للزركلي دار العلم للملايين الطبعة الخامسة عشر 2002م (3/284)
3/ أعلام المكيين لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1421هـ. (408-409)
4/ سير وتراجم لعمر عبدالجبار، دار تهامة، الطبعة الثالثة 1403هـ (179-182)
5/ مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق (7/614)
6/ المستدرك على معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1406هـ (340-341)
• إبراهيم محمد