كان والده محبا للعلم، عالما ببعض فنونه، فرباه على حب العلم، والأخذ عن العلماء، ووجهه نحو العلم منذ صغره مما كان له الأثر الكبير في شخصيته العلمية، وقد درس على والده في صغره: الفقه والتوحيد وغيرهما من العلوم الشرعية واللغوية، كما تلقى تعليمه الأول قراءة وكتابة على: صالح الرشيد وحفظ القرآن على يديه.
بعد ذلك أخذ يترقى في مجال العلم ويأخذ عن المشايخ، ويدرس عليهم، فأخذ عن الشيخ عمر بن سليم، والشيخ عبدالله بن سليم، والشيخ عبدالعزيز العباد وهو من علماء بريدة، ثم رأى الشيخ أن يرحل لطلب العلم على كبار العلماء آنذاك، فرحل إلى الرياض وأخذ هناك عن مفتي المملكة: الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، كما درس على نائب المفتي لشئون الكليات: الشيخ عبدالله بن إبراهيم، ودرس كذلك على الشيخ عبد العزيز بن باز واستفاد منه، والشيخ محمد بن مانع، وغيرهم من العلماء الذين أخذ عنهم مختلف العلوم التي كان العلماء يدرسونها في المساجد، وكان دأب العلماء في هذه الدروس أنها تدرس مع حفظ الطلبة للمتون، فحفظ الشيخ في هذه المرحلة متونا كثيرة، ثم انتقل رحمه الله إلى الحجاز، ودرس على علماء المسجد الحرام بمكة المكرمة.
في عام 1357ه عين والده قاضيا بجيزان، فانتقل إليها مع والده، ولازمه في العمل، فاكتسب خبرة كبيرة في مجال الوعظ والدعوة، وقد أصبح مديرا للمدرسة في بلدته، ثم في عام 1362ه عين مدرسا بمدرسة العزيزية الابتدائية بمكة المكرمة، فكان يدرس فيها الفقه والتوحيد، وفي نفس الوقت كان يلازم دروس الحرم، ثم بعد عام – أي في عام 1363ه- اختير لتولي القضاء بحائل، وبقي فيها مدة ثم نقل إلى أبها كمساعد لرئيس محكمة أبها، كما عُيِّن رحمه الله رئيسا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبقي في أبها قرابة سبع سنوات، وفي عام 1370ه صدر قرار بترقيته إلى رئاسة محكمة تبوك، وطال بقاؤه فيها حيث بقي قرابة الخمسة والعشرين عاما، إلى أن انتقل إلى مكة المكرمة عام 1395ه قاضيا في محكمة التمييز، وبقي فيها إلى عام 1401هـ، وفي العام نفسه صدر الأمر بتعيينه نائبا لرئيس محكمة التمييز ورئيسا للقضايا الجزئية، وفي عام 1404ه عين رئيسا للقضايا الحقوقية والشخصية وبقي في هذا العمل حتى أحيل إلى التقاعد، ورغم حياته الحافلة بالأعمال الحكومية – القضائية بالذات- إلا أنه كان نائب الرئيس الأعلى لدار الحديث الخيرية بمكة، ورئيسا للجنة الرباعية الدائمة لهيئة الإغاثة الإسلامية، وعضوا بمجلس الأوقاف بمكة.
كان رحمه محبا للخير، رحيما بالفقراء، عطوفا على المساكين، وكان معروفا بأعمال البر المختلفة، ويقصده الناس ويقضي حوائجهم بماله أو جاهه، وكانت إسهاماته الخيرية في أكثر من ميدان، فكان له إسهام في مجال الإسكان الخيري، وكذلك في الزواج الخيري، وكان رحمه الله خلوقا، محبا للناس ومقبولا عندهم، عُرف بالسمت والوقار، مسارعا في إنجاز أي عمل يوكل به، وكان يستقبل الضعفاء والمساكين في منزله كل يوم، وإسهاماته في الخير بالتعاون مع التجار ورجال الأعمال أثمرت أعمالا خيرية كثيرة، منها بناء عدة عمارات أوقفت على المحتاجين من الأرامل والأيتام، ولما استقر بمكة ازدهرت أعماله الخيرية، وبعد تقاعده أسهم إسهامات كبيرة في هذا المجال، فكانت له مشاريع خيرية متنوعة منها: بناء المساجد، والمساكن للمحتاجين، والبيوت لطلاب دار الحديث، وكان يعطي عطاءات كبيرة على الفقراء والمساكين، كما كان يخدم الناس بجاهه، وكان مثالا للعدل والإنصاف طيلة فترة عمله في سلك القضاء.
في أواخر حياته كان يلازم الحرم، وكانت له شقة جوار الحرم وغالب صلواته بعد التقاعد فيه، وبقي على هذا الحال حتى توفاه الله عزوجل عام 1412ه في السابع من رجب، وصلي عليه بالمسجد الحرام، ودفن بمقبرة العدل، وفقدت الأمة رجلا خيّرا له بصمات واضحة في مجال العمل الخيري.
مصادر ترجمته:
1- تتمة الأعلام للزركلي، لمحمد خير رمضان، دار ابن حزم، الطبعة الثانية 1422ه.(1/239).
2- شذا العبير من تراجم علماء وأدباء ومثقفي منطقة عسير، لهاشم بن سعيد النعمي، نادي أبها الأدبي، 1995م.
3- نجد خلال ثمانية قرون لعبدالله بن عبدالرحمن البسام، دار العاصمة، الطبعة الثانية 1419ه. (2/544-547).
4- المبتدأ والخبر لعلماء في القرن الرابع عشر وبعض تلاميذهم، لإبراهيم بن محمد بن ناصر السيف، دار العاصمة، الطبعة الأولى 1426ه. (2/131-137).
5- المستدرك على تتمة الأعلام للزركلي، لمحمد خير رمضان، دار ابن حزم، الطبعة الثانية 1422ه. (53).
6- نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر وبذيله عقد الجوهر في علماء الربع الأول من القرن الخامس عشر ليوسف المرعشلي، دار المعرفة، الطبعة الأولى 1427هـ . (1854-1855).