نشأته وبداية طلب العلم:
إمام الحرم المكي، القارئ الشيخ أبوعبدالرحمن عبدالله بن عبدالغني بن محمد بن عبدالغني خياط، ينتهي نسبه إلى قبيلة بليّ من قضاعة، وقد كانت هذه القبيلة في شمال الحجاز فانتقلت منها إلى بلاد الشام، ثم هاجرت مرة أخرى إلى الحجاز في القرن الثاني عشر.
ولد في مكة المكرمة في التاسع والعشرين من شهر شوال عام 1326هـ ونشأ في بيت متوسط الحال ماديا، إلا أنه بيت علم وفضل وصلاح، وكان أبوه له إلمام بالعلوم الشرعية عموما والفقه الحنفي والتفسير والحديث خصوصا، فرباه والده على حب العلم والتعلم، وغرس فيه الأخلاق الحميدة والخصال الكريمة مما ساهم في تكوين شيخصية الشيخ المتواضعة الخلوقة المحبة للناس.
حرص والده على تعليمه فأدخله الكتّاب صغيرا فبدأ حفظ القرآن الكريم وتعلم التجويد، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الخياط بالمسعى بمكة المكرمة، كما درس في المدرسة الراقية، ثم دخل المعهد العلمي السعودي عام 1350هـ فنهل من معينه، ودرس على مشايخه وعلمائه آنذاك، وقد كانوا من العلماء الفضلاء بمكة المكرمة، كما تلقى العلم عن علماء المسجد الحرام من ساكني مكة أو القادمين إليها.
توفي والده وعمره سبعة عشر عاما إلا أنه واصل مسير دراسته، وقد عرف بالجد والاجتهاد والحرص على العلم، كان ذا ذكرة قوية وظهر عليه النبوغ مبكرا وقد تخرج من المعهد بتفوق، وأعطي الإجازة بالتدريس بامتياز، وإلى جانب تفوقه في الدراسة كان جم الأدب، زاهدا صالحا، متمسكا بمذهب السلف ذابّا عنه، فيه أخلاق العلماء وشيم الصالحين، وكان مربيا فاضلا ربّى أجيالًا كثيرة، وكان متفهما ومقدرا للناس، ويخاطبهم بما يناسب حالهم ومكانتهم، ووعظه وإرشاده محل قبول من الناس للين جانبه وإقباله على الناس، عرف رحمه الله بسعة الاطلاع، والحرص على العلم، فكان أثناء دراسته في المعهد العلمي يدرس بعض الصفوف الأخرى
مشايخه:
درس على ثلة من العلماء الفضلاء، منهم:
- سماحة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ رئيس القضاة في الحجاز، وقد لازمه قرابة العشر سنوات وأخذ عنه وقرأ عليه واستفاد منه فائدة كبيرة.
- ومن مشايخه فضيلة الشيخ عبدالظاهر أبوالسمح إمام وخطيب المسجد الحرام والمدرس فيه.
- ومنهم فضيلة الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة إمام وخطيب المسجد النبوي والمدرس فيه.
- وفضيلة الشيخ أبوبكر خوقير المدرس بالمسجد الحرام.
- وفضيلة الشيخ عبيدالله السندي المدرس بالمسجد الحرام.
- وفضيلة الشيخ سليمان بن حمدان أحد قضاة مكة المدرس بالمسجد الحرام.
- وفضيلة الشيخ محمد حامد الفقي المدرس بالمسجد الحرام.
- وفضيلة الشيخ محمد بن علي البيز رئيس محمكة الطائف والمدرس بالمعهد العلمي السعودي.
- وفضيلة الشيخ تقي الدين الهلالي المدرس بالمسجد الحرام والمعهد العلمي السعودي، وغيرهم من العلماء الفضلاء الذين كانوا يدرسون بالمعهد العلمي وبالحرم المكي.
تعيينه إماماً مساعداً لصلاة التراويح في المسجد الحرام:
في عام 1345هـ رشحه الشيخ عبدالله بن حسن لتولي إمامة الحرم المكي في صلاة العشاء فصلى بالناس إماما ولم يبلغ العشرين من عمره، وكان قد عرف بحسن الصوت وجودة الأداء، فكان يساعد الشيخ عبدالظاهر أبا السمح في صلاة التراويح وينفرد بصلاة القيام آخر الليل.
أعماله:
وإلى جانب إمامته بالناس في الحرم المكي عيّن في عدد من الوظائف الحكومية:
- فقد عين عضواً في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام 1347ـ.
- ثم تولى إدارة مدرسة حارة الباب الابتدائية عام 1352هـ.
- كما عين مدرسا بالمدرسة الفيصلية.
- ثم في عام 1355هـ عين مديرا للمدرسة السعودية بالطائف.
- في عام 1356هـ اختاره الملك عبدالعزيز ليكون معلماً لأنجاله وعينه مديراً لمدرسة الأمراء بالرياض واستمر في هذا العمل حتى وفاة الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ عام 1373هـ.
- عين رحمه الله بعد ذلك مديرا لمدرسة دار الحديث عام 1372هـ.
- ثم مستشارا للتعليم بمكة المكرمة عام 1373هـ.
- وإضافة إلى عمله كمستشار أسندت إليه إدارة كلية الشريعة بمكة المكرمة عام 1375هـ واستمر فيها حتى عام 1377هـ.
- كما كلف رحمه الله بالإشراف على إدارة التعليم بمكة عام 1376هـ.
- وفي عام 1380هـ صدر الأمر الملكي بتعيينه رئيساً للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بناء على ترشيح من سماحة المفتي الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ ولكنه اعتذر عن ذلك وطلب الإعفاء لظروف خاصة.
- وفي عام 1383هـ تم اختياره عضواً في مجلس إدارة كليتي الشريعة والتربية بمكة بموجب خطاب وزير المعارف.
- ثم بعدها بعام – أي عام 1384هـ- تم اختياره عضواً في اللجنة المنبثقة من مجلس التعليم الأعلى لوضع سياسة عليا للتعليم في المملكة بموجب خطاب سمو رئيس مجلس الوزراء رقم 1343.
- كما تم في نفس العام اختياره مندوباً عن وزارة المعارف في اجتماعات رابطة العالم الإسلامي بمكة.
- وبقي كذلك حتى عام 1391هـ إذ صدر الأمر الملكي باختياره عضواً في هيئة كبار العلماء منذ تأسيسها، وفي عام 1993هـ.
- تم ترشيحه عضواً في مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وكان عضواً في اللجنة الثقافية برابطة العالم الإسلامي.
كان رحمه الله يقوم بأعماله خير قيام، وعرف عنه الأمانة والحرص، وله بصمات واضحة في الإدارات التي تولاها، ورغم كل هذه الأعمال التي تولاها إلا أنه رحمه الله كان يدرس الناس ويعلمهم.
تعيينه إماماً وخطيباً للمسجد الحرام:
وفي عام 1376هـ صدر الأمر الملكي بتعيينه إماما وخطيبا كذلك بالمسجد الحرام وبقي كذلك حتى عام 1404هـ حيث طلب الإعفاء لظروفه الصحية.
تلاميذه:
من أبرز طلابه:
- عبدالوهاب أبو سليمان.
- وعبد الملك بن دهيش.
وفاته:
توفي في مكة المكرمة صباح يوم الأحد السابع من شهر شعبان عام 1415هـ، وقد كتب عن وفاته الصحف والمجلات مثل:
- مجلة اليمامة في عددها الصادر بتاريخ 24/ 8/ 1415هـ.
- ومجلة الدعوة بتاريخ 11/ 8/ 1415هـ.
- ومجلة المنهل بتاريخ 9/ 1415هـ.
وقد نعاه العلماء والأعيان، وقال فيه الشيخ محمد السبيل إمام وخطيب المسجد الحرام: "إن الشيخ الخياط يعتبر من العلماء الأفاضل الذين قاموا بالدعوة إلى الله وجاهدوا حق جهاده" وقال راشد الراجح مدير جامعة أم القرى آنذاك: "وفاة الشيخ عبدالله خياط فاجعة كبرى للعالم الإسلامي فقد قدم فضيلته للأمة الإسلامية عظيم خدماته في الدعوة والإرشاد والتربية والتعليم والخطابة والإمامة بالمسجد الحرام".
مؤلفاته:
كان الشيخ عبد الله خياط صاحب قلم سيّال وأسلوب رفيع أثرى بهما المكتبة الإسلامية بكثير من الكتب منها:
1- تأملات في دروب الحق والباطل: وهو عبارة عن مقالات متفرقة تشمل جميع نواحي الإسلام. وهو مطبوع في مطبعة تهامة، جدة 1402هـ.
2- تحفة المسافر، وفيه أحكام الصلاة والصيام والإحرام في الطائرة، مطبعة أبو حسن، جدة 1402هـ.
3- التفسير الميسّر. وهو عبارة عن ثلاثة أجزاء، مقتبس من أشهر التفاسير المعتبرة بأسلوب لطيف سهل قريب من الأذهان، وهو مطبوع في مطبعة النجاح بجدة.
4- حِكم وأحكام من السيرة النبوية. وهو عبارة عن صياغة جديدة لأحداث السيرة حيث أخذ في ذكر وقائع السيرة بأسلوب لطيف سهل رفيع، دمج في ثناياه الدروس والعبر. وهو مطبوع في دار الرفاعيى 1401هـ.
5- الخُطب في المسجد الحرام. وهو عبارة عن ثلاثة أجزاء يضم كل جزء مجموعة من الخطب التي أُلقيت بالمسجد الحرام منذ توليه الخطابة فيه إلى إعفائه منها. مكتبة السيد محمد المؤيد، الطبعة الثالثة 1399هـ.
6- مبادىء السيرة النبوية، مكة المكرمة 1353هـ.
7- حركة الإصلاح الديني في القرن الثاني عشر.منشور في مجلة البحوث الإسلامية العدد الأول 1395هـ.
8- دليل المسلم في الاعتقاد على ضوء الكتاب والسنة، وهو عبارة عن ثلاثة فصول:
الفصل الأول: عرض فيه لمحاسن الدين الإسلامي وبيان كلمة التوحيد ومفهوم العبادة، ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم.
الفصل الثاني: عرض فيه لمراتب الدين الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان وبيّن معناها وأركانها.
الفصل الثالث: عرض فيه لمفهوم التوحيد بأنواعه الثلاثة وفضله، ومفهوم الشرك وأقسامه، والشفاعة وأقسامها وشروطها، والغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، والتبرك، وكرامات الأولياء، والتوسّل وأنواعه. حققه أسامة عبدالله خياط، الطبعة الرابعة1405هـ.
9- الربا في ضوء الكتاب والسنة، وهو عبارة عن رسالة صغيرة تعرّض فيها لبيان حكم الربا مدللاً عليه من الكتاب والسنة، وقد نُشرت في مجلة البحوث الإسلامية بالرياض، ثم طُبعت بدار الرفاعي 1408هـ.
10- الرواد الثلاثة (عن سعد بن أبي وقاص و مصعب بن عمير وأبي هريرة) طبع بالطائف بالنادي الأدبي 1398هـ و الطبعة الثانية في الرياض، دار العلوم 1402هـ.
11- صحائف مطوية، الرياض، المطابع الأهلية 1398هـ.
12- لمحات من الماضي. وهي مذكرات للشيخ، دارة الملك عبدالعزيز، الطبعة الأولى 1425هـ.
13- ما يجب أن يعرفه المسلم عن دينه. من إصدارات رابطة العالم الإسلامي عام 1385هـ ثم طبعت في دار المدني عام 1407هـ.
هذا بالإضافة إلى مشاركات علمية ودعوية متعددة في مختلف وسائل الإعلام.
وله مقالات عديدة منشورة على الشبكة العنكبوتية وكان يكتب في مجلة الحج التي كانت تصدرها وزارة الحج وكان يكتب فيها مسلسلة عن السيرة النبوية بعنوان مواقف حاسمة.
المصادر:
1- تتمة الأعلام للزركلي، لمحمد خير رمضان، دار ابن حزم، الطبعة الثانية 1422هـ . (2/ 10-12).
2- تكملة معجم المؤلفين محمد خير رمضان، دار ابن حزم، الطبعة الأولى 1418هـ. (335-337).
3- جهود بعض علماء البلد الحرام في تقرير العقيدة السلفية في القرن الرابع عشر لعبد المحسن بن ردة الحربي. (470-475).
4- المبتدأ والخبر لعلماء في القرن الرابع عشر وبعض تلاميذهم، لإبراهيم بن محمد بن ناصر السيف، دار العاصمة، الطبعة الأولى 1426هـ. (4/ 142-150).
5- المستدرك على تتمة الأعلام للزركلي، لمحمد خير رمضان، دار ابن حزم، الطبعة الثانية 1422هـ. (71).
6- جريدة الرياض العدد 17308 بتاريخ 1 صفر 1437هـ.